ومثال الثالث : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ).
ومثال الرابع ، لم يقع فى القرآن ، لأن العقل مستفاد من الحسّ ، فالمحسوس أصل للمعقول ، وتشبيهه به يستلزم جعل الأصل فرعا والفرع أصلا ، وهو غير جائز.
الثانى : ينقسم باعتبار وجهه إلى مفرد ومركب.
والمركب أن ينتزع وجه الشبه من أمور مجموع بعضها إلى بعض ، كقوله : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) فالتشبيه مركب من أحوال الحمار ، وهو حرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب فى استصحابه.
الثالث ينقسم باعتبار آخر إلى أقسام :
أحدها : تشبيه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع اعتمادا على معرفة النقيض والضد ، فإن إدراكهما أبلغ من إدراك الحاسة كقوله : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) شبه بما لا يشك أنه منكر قبيح لما حصل فى نفوس الناس من بشاعة صور الشياطين وإن لم ترها عيانا.
الثانى : عكسه ، وهو تشبيه ما لا تقع عليه الحاسة بما تقع عليه ، كقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) الآية. أخرج ما لا يحس وهو الإيمان ، إلى ما يحس ، وهو السراب ، والمعنى الجامع بطلان التوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة.
الثالث : إخراج ما لم تجر العادة به إلى ما جرت ، كقوله تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) والجامع بينهما الارتفاع فى الصورة.
الرابع : إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها ، كقوله : (وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) والجامع العظم ، وفائدته التشويق إلى الجنة بحسن الصفة وإفراط السعة.
الخامس : إخراج ما لا قوّة له فى الصفة إلى ما له قوة فيها ، كقوله تعالى : (وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) والجامع فيهما العظم ، والفائدة إبانة القدرة على تسخير الأجسام العظام فى ألطف ما يكون من الماء ، وما فى ذلك من انتفاع الخلق بحمل الأثقال وقطعها الأقطار البعيدة فى المسافة القريبة ، وما يلازم