٥٨ تشبيهه واستعاراته
التشبيه : نوع من أشرف أنواع البلاغة وأعلاها. ولو قال قائل : هو أكثر كلام العرب لم يبعد. وهو الدلالة على مشاركة أمر لأمر فى معنى ، وقيل : هو إخراج الأغمض إلى الأظهر ، وقيل : هو إلحاق شىء بذى وصف فى وصفه. وقيل : هو أن تثبت للمشبه حكما من أحكام المشبه به.
والغرض منه تأنيس النفس بإخراجها من خفى إلى جلىّ ، وإدنائه البعيد من القريب ليفيد بيانا ، وقيل : الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار.
وأدواته حروف وأسماء وأفعال. فالحروف : الكاف ، وكأنه.
والاسماء مثل ، وشبه ، ونحوهما مما يشتق من المماثلة والمشابهة ، ولا تستعمل (مثل) إلا فى حال أو صفة لها شأن ، وفيها غرابة.
والأفعال ، نحو : (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً) و (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى).
وربما يذكر فعل ينبئ عن التشبيه فيؤتى فى التشبيه القريب بنحو : علمت زيدا أسدا ، الدالّ على التحقيق. وفى البعيد بنحو : حسب زيدا أسدا ، الدالّ على الظن وعدم التحقيق.
وينقسم التشبيه باعتبارات :
الأول ، باعتبار طرفيه إلى أربعة أقسام ، لأنهما إما حسيان ، أو عقليان ، أو المشبه به حسى والمشبه عقلى ، أو عكسه.
مثال الأول : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ).
ومثال الثانى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)