إضافة الشرّ إلى الله تعالى ليس من باب الآداب كمال قال صلىاللهعليهوسلم : «والشرّ ليس إليك» ومنه : (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أى وما تحرّك ، وخص السكون بالذكر لأنه أغلب الحالين على المخلوق من الحيوان والجماد ، ولأن كل متحرّك يصير إلى السكون.
ومنه : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أى والشهادة ، لأن الإيمان بكل منهما واجب ، وآثر الغيب لأنه أمدح ولأنه يستلزم الإيمان بالشهادة من غير عكس.
ومنها (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) أى والمغارب.
ومنه : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) أى وللكافرين.
النوع الثالث : ما يسمى بالاحتباك : ويسمى الحذف المقابلى.
والاحتباك : أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثانى ، ومن الثانى ما أثبت نظيره في الأول كقوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ). التقدير : ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذى ينعق ، والذى ينعق به ، فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذى ينعق عليه ، ومن الثانى الذى ينعق به ، لدلالة الذين كفروا عليه.
وقيل : الاحتباك أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كل واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه كقوله تعالى : (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ) التقدير : إن افتريته فعلىّ إجرامى وأنتم برآء منه ، وعليكم إجرامكم وأنا برىء مما تجرمون.
ومأخذ هذه التسمية من الحبك الذى معناه الشدّ والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب ، فحبك الثوب : سد ما بين خيوطه من الفرج وشدّه وإحكامه بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق. وبيان أخذه منه أن مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخطوط ، فلما أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر في نظمه وحوكه فوضع المحذوف مواضعه كان حائكا له مانعا من خلل يطرقه ، فسدّ بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن والرونق.