وفي أرجاء العالم كافة ـ كلامي ، وأحذّرهم من عواقب عصيانهم.
ثم أمر الله رسوله أن يسألهم : (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِءَالِهَةً أُخْرَى) ويأمره أن : (قُلْ لَاأَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِى بَرِىءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
أمّا الذين قالوا : إنّ أهل الكتاب لم يشهدوا لنبي الإسلام صلىاللهعليهوآله فإنّ الآية التي بعدها تردّ عليهم وتقول : (الَّذِينَءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ). أي إنّ معرفتهم به لا تقتصر على مبدأ ظهوره ودعوته فحسب ، بل إنّهم يعرفون حتى التفاصيل والخصائص وعلاماته الدقيقة أيضاً.
والآية تعلن في آخر مقاطعها النتيجة النهائية : (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَايُؤْمِنُونَ). أي إنّ الذين لا يؤمنون بالنبي ـ مع كل ما تحيطه من دلائل وعلامات واضحة ـ هم فقط اولئك الذين خسروا كل شيء في تجارة الحياة.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٤)
أشدّ الظلم : تواصل هذه الآيات المنهج القرآني في مقارعة الشرك وعبادة الأصنام بشكل شامل. تقول الآية الاولى بصراحة وبصورة استفهام إستنكاري : (وَمَن أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بَايَاتِهِ).
الجملة الاولى إشارة إلى إنكار التوحيد والثانية إشارة إلى إنكار النبوة حقّاً لا ظلم أكبر من أن يتخذ المرء قطعة جماد لا قيمة لها ، أو إنساناً ضعيفاً مثله شريكاً لربّ لا تحدّه حدود وله الحكم على كل عالم الوجود.
فلا شك إذن في أنّ أيّ ظالم ـ وعلى الأخص اولئك الذين لظلمهم جوانب متعددة ـ لا يمكن أن يرى السعادة والفلاح : (إِنَّهُ لَايُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
الآية التالية تشير إلى مصير المشركين يوم القيامة مبيّنة أنّهم باعتمادهم على مخلوقات ضعيفة كالأصنام ، لا هم حققوا لأنفسهم الراحة في هذا العالم ، ولا هم ضمنوا ذلك في الحياة