لقد جرى بحث كثير بين المفسرين حول الذين توجهت إليهم الآية بالحديث ، فبعضهم يعتقد بأنّهم المؤمنون ، وأحسن صورة لتفسير الآية على هذا الوجه هي :
لقد حصل بين بعض المؤمنين جدال حول تقسيم الغنائم بعد واقعة بدر ونزلت آيات توبخهم وتضع الغنائم تحت تصرف الرسول بشكل كامل فقام بتقسيمها بينهم بالتساوي ، بغية تربيتهم وتعليمهم ، ثم ذكّرهم بحوادث بدر وكيف نصرهم الله على عدوّهم القوي.
وهذه الآية تتابع الحديث عن الموضوع نفسه فتخاطب المسلمين وتقول لهم : إنّكم إذا سألتم الله الفتح والنصر فسوف يستجيب لكم وينصركم ، وإذا تركتم الإعتراض والجدال عند النبي صلىاللهعليهوآله فبذلك مصلحتكم ، وإذا عدتم لنفس الاسلوب من الإعتراض فسنعود نحن أيضاً ، ونترككم وحيدين في قبضة الأعداء وحتى إذا كان عددكم كثيراً فبدون نصرة الله لن تقدروا أن تعملوا أي شيء ، وإنّ الله مع المؤمنين المخلصين والطائعين لأوامره وأوامر نبيّه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٣)
الذين قالوا سمعنا وهم لا يَسمعون : تتابع هذه الآيات البحوث السابقة ، فتدعو المسلمين إلى الطاعة التامة لأوامر الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله واسلوب الآيات فيه دلالة على تقصير بعض المؤمنين في التنفيذ والطاعة ، فتبدأ بالقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ).
وتضيف لتؤكّد الأمر من جديد : (وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ).
ولما كان القول بلا عمل ، والإستماع بلا تأثر ، أحد الأمراض التي تصاب بها المجتمعات ، وأساس الكثير من التخلفات ، فقد جاءت الآية الاخرى لتؤكّد على هذه المسألة باسلوب آخر ، فقالت : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَايَعْقِلُونَ).
ولما كان القرآن كتاب عمل فإنّه ينظر إلى النتائج دائماً.
وتقول الآية بعدها إنّ الله لايمتنع من دعوة هؤلاء إن كانوا صادقين في طلبهم وعلى