«الدّابة» : من «دبّ» والدبيب المشي الخفيف ، ويستعمل ذلك في الحيوان والحشرات أكثر. «الطائر» كل ذي جناح يسبح في الهواء وقد يوصف بها بعض الامور المعنوية التي تتقدّم بسرعة واندفاع ، والآية تقصد الطائر الذي يطير بجناحيه.
«امم» : جمع امّة ، وهي كل جماعة يجمعهم أمر ما ، كالدين الواحد أو الزمان الواحد أو المكان الواحد. «يحشرون» : من «حشر» بمعنى «الجمع» والمعنى الوارد في القرآن يقصد به يوم القيامة ، ولا سيما أنّه يقول : (إِلَى رَبّهِم).
ثم تقول الآية : (مَّا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَابِ مِن شَىْءٍ). لعل المقصود «بالكتاب» هو القرآن الذي يضم كل شيء ، أو المقصود بالكتاب هو «عالم الوجود» إذ أنّ عالم الخليقة مثل الكتاب الضخم ، يضمّ كل شيء ولا ينسى شيئاً.
وتختم الآية بالقول : (ثُمَّ إِلَى رَبّهِمْ يُحْشَرُونَ). من هنا تنذر الآية المشركين وتقول لهم : إنّ الله الذي خلق جميع الحيوانات ووفّر لها ما تحتاجه ، ورعى كل أفعالها ، وجعل لها حشراً ونشوراً ، قد أوجد لكم دون شك بعثاً وقيامة وليس الأمر كما تقول تلك الفئة من المشركين من أنّه ليس ثمّة شيء سوى الحياة الدنيا والممات.
هل هناك بعث للحيوانات؟ ما من شك أنّ الشّرط الأوّل للمحاسبة والجزاء هو «العقل والإدراك» ويستتبعهما «التكليف والمسؤولية». يقول أصحاب هذا الرأي : إنّ حياة كثير من الحيوانات تجري وفق نظام دقيق ومثير للعجب ، ويدلّ على إرتفاع مستوى إدراكها وفهمها ، فمن ذا الذي لم يسمع بالنمل والنحل وتمدّنها العجيب ونظامها المحيّر في بناء بيوتها وخلاياها ، ولا شك أنّ هذه امور ليس من السهل اعتبارها ناشئة بدافع الغريزة ، إذ إنّ الغريزة تنشأ عنها أعمال رتيبة من طراز واحد باستمرار ، أمّا الأعمال التي تقع في ظروف خاصة كردود فعل لحوادث طارئة غير متوقعة ، فهذه تكون إلى التعقل والإدراك أقرب منها إلى الغريزة. فالشاة التي لم يسبق لها أن رأت ذئباً في حياتها تفزع منه أول ما تراه وتدرك خطره عليها وتتوسل بكل حيلة لدرء خطره عنها.
فضلاً عن ذلك كله ، فإنّ هناك بعض الآيات التي تدل ـ بوضوح ـ على أنّ للحيوانات فهماً وإدراكاً ، من ذلك حكاية هروب النمل من أمام جيش سليمان ، وحكاية ذهاب الهدهد إلى منطقة سبأ باليمن ورجوعه بأخبار مثيرة لسليمان.
ثمّة أحاديث إسلامية كثيرة حول بعث الحيوانات ، من ذلك ما روي في تفسير مجمع البيان عن أبي ذر قال : بينا أنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ انتطحت عنزان ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله :