الوثنية وعبادة الأصنام وإزالة آثارها ، من المسائل ذات الأهمية القصوى ، فإنّ القرآن يكرر هذه المطالب بعبارات جديدة في الآيات محل البحث ، فتقول الآية الاولى : (فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَءَاتَوُا الزَّكَوةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدّينِ).
وتضيف معقبة : (وَنُفَصّلُ الْأَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
ولكن لو استمر المشركون في نقض العهود ، فتقول الآية التالية : (وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِى دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَاأَيْمنَ لَهُمْ).
صحيح أنّهم عاهدوكم على عدم المخاصمة والمقاتلة ، إلّاأنّ هذه المعاهدة ـ بنقضها مراراً ، وكونها قابلة للنقض في المستقبل ـ لا اعتبار لها أصلاً ولا قيمة لها.
وتعقّب الآية مضيفة : (لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ).
وفي الآية الاخرى خطاب للمسلمين لإثارة هممهم ، وإبعاد روح الضعف والخوف والتردد عنهم في هذا الأمر الخطير ، إذ تقول الآية : (أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمنَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ).
فعلام تقلقون وأنتم لم تبدأوهم بالقتال وإلغاء العهد من قبلكم (وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ).
وإذا كان بعضكم يتردد في مقاتلتهم خشية منهم ، فإنّ هذه الخشية لا محل لها (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
وفي الآية التالية وعد بالنصر الحاسم للمسلمين ، إذ تقول : (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ).
وليس ذلك فحسب ، بل ، (وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ).
وبهذا يشعر المؤمنون بالراحة والطمأنينة بعد أن كانوا يقاسون الألم والعذاب تحت وطأة هؤلاء المجرمين ، ويزيل الله تعالى عن قلوبهم آلام المحنة بهذا النصر (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ).
أمّا الآية التالية فتضيف : إنّ في إنتصار المؤمنين وهزيمة الكافرين سروراً للمؤمنين ، وإنَّ الله يسدّدهم (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ).
وتُختتم الآية بالقول : (وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
العبارة الأخيرة تحمل البشرى بأنّ مثل هؤلاء سيميلون نحو الإسلام ويشملهم توفيق