ويصوّر القرآن هذه الهزيمة بقوله : (وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ).
وفي هذه اللحظات الحساسة حيث تفرق جيش الإسلام هنا وهناك ، ولم يبق مع النبي إلّا القلة ، وكان النبي مضطرباً ومتألّماً جدّاً لهذه الحالة نزل التأييد الإلهي : (ثُمَّ أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا).
ويَذكر القرآن النتيجة النهائية لمعركة حنين الحاسمة فيقول : (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ). وكان هذا العذاب والجزاء أن قُتل بعض الكافرين ، واسر بعضهم ، وفرّ بعضهم إلى مناطق بعيدة عن متناول الجيش الاسلامي.
ومع هذا الحال فإنّ الله يفتح أبواب توبته للأسرى والفارين من الكفار الذين يرغبون في قبول مبدأ الحق «الإسلام» لهذا فإنّ الآية الأخيرة من الآيات محل البحث تقول : (ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِن بَعْدِ ذلِكَ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وجملة «يتوب» التي وردت بصيغة الفعل المضارع ، والتي تدل على الإستمرار ، مفهومها أنّ أبواب التوبة والرجوع نحو الله مفتوحة دائماً بوجه التائبين.
غزوة حنين ذات العبرة : «حنين» منطقة قريبة من الطائف ، وبما أنّ الغزوة وقعت هناك فقد سمّيت باسم المنطقة ذاتها ، وقد عُبّر عنها في القرآن ب «يوم حنين» ولها من الأسماء : غزوة أوطاس ، وغزوة هوازن أيضاً.
أمّا تسميتها بأوطاس ، فلأنّ «أوطاس» أرض قريبة من مكان الغزوة ، وأمّا تسميتها بهوازن ، فلأنّ إحدى القبائل التي شاركت في غزوة حنين تُدعى هوازن.
إنّ رؤساء طائفة هوازن جاءوا إلى مالك بن عوف واجتمعوا عنده في اخريات شهر رمضان أو شوال في السنة الثامنة للهجرة ، وكانوا قد جاءوا بأموالهم وأبنائهم وأزواجهم لئلا يفكر أحدهم بالفرار حال المعركة ، وهكذا فقد وردوا منطقة أوطاس.
فعقد النبي صلىاللهعليهوآله لواءه ، وسلمه علياً عليهالسلام.
وكان ألفا شخص قد أسلم في فتح مكة ، فأضيف عددهم إلى العشرة آلاف الذين ساهموا في فتح مكة ، وصاروا حوالي اثني عشر ألفاً ، وتحركوا نحو حنين.
فلما صلّى النبي صلاة الغداة «الصبح» بأصحابه أمر أن ينزلوا إلى حنين ، ففوجئوا بهجوم هوازن عليهم من كل جانب وصوب ، وأصبح المسلمون مرمى لسهامهم ، ففرّت طائفة من