القرآن وظهور المهدي : إنّ الآية محل البحث عينها وبالالفاظ ذاتها ، وردت في سورة الصف ، الآية (٩) كما وردت في الآية (٢٨) من سورة الفتح باختلاف يسير ؛ والآية تخبر عن حدث مهمّ كبير استدعت أهمّيته هذه أن تتكرر الآية في القرآن ، وهذا الحدث الذي أخبرت عنه الآية هو استيعابُ الإسلام للعالم بأسره.
فمفهوم الآية إنتصار الإسلام كلياً ـ ومن جميع الجهات ـ على جميع الأديان ، ومعنى هذا الكلام أنّ الإسلام سيُهيمن على الكرة الأرضية عامة ، وسينتصر على جميع العالم.
ينقل الشيخ الصدوق رحمهالله في كتابه إكمال الدين عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «والله ما نزل تأويلها بعدُ ، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم ، فإذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم».
كما في تفسير مجمع البيان عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمّد ، فلا يبقى أحد إلّاأقرّ بمحمّد».
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (٣٥)
كنز الأموال : كان الكلام في الآيات المتقدمة عن أعمال اليهود والنصارى المشوبة بالشرك ، إذ كانوا يعبدون الأحبار والرهبان من دون الله. الآية الاولى محل البحث تقول : إنّ اولئك مضافاً إلى كونهم غير جديرين بالالوهية فهم غير جديرين بقيادة الناس أيضاً ، وخير دليل على ذلك أعمالهم المتناقضة المضطربة. فالآية هنا تلتفت نحو المسلمين فتخاطبهم بالقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ).
لكن كيف يأكلون أموال الناس دون مسوّغ أو مجوز ، فقد أشرنا سابقاً إلى ذلك في آيات اخرى كما ورد في التاريخ شيء منه أيضاً ، وذلك :