ويمكن الإستنتاج من مجموع الأحاديث ـ آنفة الذكر ـ منضمةً إليها الآية محل البحث ، أنّه في الظروف الاعتيادية المألوفة ، حيث يرى الناس آمنين ، أو غير محدق بهم الخطر ، والمجتمع في حال مستقر ، فيكفي عندئذ دفع الزكاة وما تبقى لا يعد كنزاً.
وأمّا في الحالات غيرالطبيعية وغير الاعتيادية ، وعندما يقتضي حفظ مصالح المجتمع الإسلامي ذلك ، فإنّ الحكومة الإسلامية ، تحدّد لجمع المال مقداراً ، كما مرّ في حديث الإمام علي عليهالسلام أو تطالب الناس بالكنوز وما جمعوه من المال كلياً.
جزاء من يكنز : في الآية التالية إشارة إلى واحد ممّا يحيق بمثل هؤلاء ممّن يكنز المال ، في العالم الآخر ، إذ تقول الآية : (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ).
ويخاطبهم ملائكة العذاب وهم في هذه الحال : (هذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ).
وهذه الآية توكّد مرّة اخرى هذه الحقيقة ، وهي أنّ أعمال الإنسان لا تمضي سدى ، بل تبقى وتتجسّد له يوم القيامة ، وتكون مدعاة سروره أو مدعاة شقائه.
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (٣٧)
وقف القتال الإجباري : لما كانت هذه السورة تتناول أبحاثاً مفصلةً حول قتال المشركين ، فالآيتان محل البحث تشيران إلى أحد مقررات الحرب والجهاد في الإسلام ، وهو إحترام الأشهر الحرم. فتقول الآية الاولى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرضَ).