وتضيف الآية بأنّ هؤلاء يكفيهم عاراً وخزياً أن يرضوا بالبقاء مع العاجزين والمرضى رغم سلامتهم وقدرتهم ، ولم يهتموا بأنّهم سيحرمون من فخر الإشتراك في الجهاد : (رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ).
وكفى به عقاباً أن يسلبهم الله القدرة على التفكر والإدراك نتيجة أعمالهم السيئة هذه ، ولذلك أبغضهم الله (وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَايَعْلَمُونَ).
تتّضح من هذه الآيات المعنويات القوية العالية لجنود الإسلام ، وكيف أن قلوبهم كانت تتطلع بشوق ، وتتحرق عشقاً للجهاد والشهادة ، وهذا الفخر والوسام مقدم على جميع الأوسمة والصفات الاخرى التي كانوا يمتلكونها ، ومن هنا يتّضح عامل هو من أهم عوامل التقدم السريع للإسلام وتطوره وانتشاره في ذلك اليوم ، وتخلفنا في الوقت الحاضر لفقداننا هذا الوسام.
يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٤) سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٩٦)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان عن ابن عباس : نزلت الآيات في جد بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهما من المنافقين وكانوا ثمانين رجلاً ، ولما قدم النبي صلىاللهعليهوآله المدينة راجعاً من تبوك قال :
«لا تجالسوهم ، ولا تكلموهم».
التّفسير
تستمر هذه السلسلة من الآيات في الحديث عن الأعمال الشيطانية للمنافقين. الآية الاولى تبين للمسلمين أنّ هؤلاء إذا علموا بقدومكم فسيأتون : (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ).