هذه الآية تشير إلى مجموعات وفئات مختلفة من المسلمين المخلصين ، وقسمتهم إلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : السابقون في الإسلام والهجرة : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ).
الثاني : السابقون في نصرة وحماية النبي صلىاللهعليهوآله وأصحابه المهاجرين : (وَالْأَنصَارَ).
الثالث : الذين جاؤوا بعد هذين القسمين واتبعوا خطواتهم ومناهجهم ، وقبولهم الإسلام والهجرة ، ونصرتهم للدين الإسلامي ، فإنّهم إرتبطوا بهؤلاء السابقين : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ).
والملفت للنظر هنا فقد قالوا بالإجماع ، إنّ أوّل من أسلم من النساء خديجة زوجة النبي صلىاللهعليهوآله الوفية المضحية ، وأمّا من الرجال فكل علماء الشيعة ومفسريهم ، وفريق كبير من أهل السنّة قالوا : إنّ علياً عليهالسلام أوّل من أسلم ولبّى دعوة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله.
وبعد ذكر هذه الأقسام الثلاثة قالت الآية : (رَّضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ).
إنّ رضى الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء هو نتيجة لإيمانهم وأعمالهم الصالحة التي عملوها ، ورضاهم عن الله لما أعد لهم من الجزاء والعطايا المختلفة التي لا تدركها عقول البشر.
ومع أنّ الجملة السابقة قد تضمنت كل المواهب والنعم الإلهية ، المادية منها والمعنوية ، الجسمية والروحية ، لكن الآية أضافت من باب التأكيد ، وبيان التفصيل بعد الإجمال : (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ). ومن إمتيازات هذه النعمة أنّها خالدة ، وسيبقى هؤلاء (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا). وإذا نظرنا إلى مجموع هذه المواهب المادية والمعنوية أيقنا أن (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). أيّ فوز أعلى وأكبر من أن يدرك الإنسان أن خالقه ومعبوده ومولاه قد رضي عنه ، وقد وقّع على قبول أعماله؟
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) (١٠١)
مرّة اخرى يدير القرآن المجيد دفة البحث إلى أعمال المنافقين وفئاتهم ، فيقول : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ). أي يجب أن تأخذوا بنظر الاعتبار المنافقين المتواجدين في أطراف المدينة ، وتحذروهم ، وتراقبوا أعمالهم ونشاطاتهم الخطرة.