عبد المنذر ، وثعلبة بن وديعة ، وأوس بن حذام ، تخلّفوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله عند مخرجه إلى تبوك ، فلما بلغهم ما أنزل الله فيمن تخلف عن نبيّه ، أيقنوا بالهلاك وأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد ، فلم يزالوا كذلك حتى قدم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فسأل عنهم ، فذكر له أنّهم أقسموا أن لا يحلّون أنفسهم حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوآله يحلّهم وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «وأنا أقسم لا أكون من حلّهم إلّاأن اؤمر فيهم بأمر». فلما نزل (عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) عمد رسول الله صلىاللهعليهوآله إليهم ، فحلّهم فانطلقوا فجاءوا بأموالهم إلى رسول الله ، فقالوا : هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فخذها ، وتصدّق بها عنّا. قال صلىاللهعليهوآله : «ما امرت فيها». فنزل (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) الآيات.
التّفسير
بعد أن أشارت الآية السابقة إلى وضع المنافقين في داخل المدينة وخارجها ، أشارت هذه الآية هنا إلى وضع جمع من المسلمين العاصين الذين أقدموا على التوبة لجبران الأعمال السيئة التي صدرت منهم ، ورجاء لمحوها : (وَءَاخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صلِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) ويشملهم برحمته الواسعة ف (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥)
الزكاة مطهرة للفرد والمجتمع : في الآية الاولى من هذه الآيات إشارة إلى أحد الأحكام الإسلامية المهمة ، وهي مسألة الزكاة ، حيث تأمر النبي صلىاللهعليهوآله بشكل عام أن : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً).
إنّ حكم (خذ) دليل واضح على أنّ رئيس الحكومة الإسلامية يستطيع أن يأخذ الزكاة من الناس ، لا أنّه ينتظر الناس فإن شاؤوا أدّوا الزكاة ، وإلّا فلا.
ثمّ تشير إلى قسمين من الفلسفة الأخلاقية والاجتماعية للزكاة ، حيث تقول : تُطَهّرُهُمْ