التّفسير
في هذه الآية إشارة إلى مجموعة من المذنبين الذين لم تتّضح جيداً عاقبة أمرهم ، فلا هم مستحقون حتماً للرحمة الإلهية ، ولا من المغضوب عليهم حتماً ، لذا فإنّ القرآن الكريم يقول في حقّهم : (وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ).
وتضيف الآية ـ بعد ذلك ـ أنّ الله سبحانه سوف لا يحكم على هؤلاء بدون حساب ، بل يقضي بعلمه وحكمته : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٠٧) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١١٠)
سبب النّزول
تتحدث الآيات أعلاه عن جماعة اخرى من المنافقين الذين أقدموا ـ من أجل تحقيق أهدافهم المشؤومة ـ على بناء مسجد في المدينة ، عرف فيما بعد ب (مسجد الضرار).
في تفسير مجمع البيان : قال المفسرون : إنّ بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء وبعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يأتيهم فأتاهم وصلّى فيه فحسدهم عن جماعة من المنافقين من بني غنم بن عوف ، فقالوا : نبني مسجداً فنصلّي فيه ولا نحضر جماعة محمّد. فبنوا مسجداً إلى جنب مسجد قباء فلما فرغوا منه ، أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يتجهّز إلى تبوك فقالوا : يا رسول الله! إنّا قد بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاثية وإنّا نحبّ أن تأتينا فتصلّى فيه لنا وتدعو بالبركة. فقال : «إنّي على جناح سفر ، ولو قدمنا أتيناكم إن شاء الله