العلاقات والروابط السطحية والفوقية أن تنفيه.
إنّ هذا درس كبير للأمس واليوم ، وكل الأعصار والقرون.
(وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١٥) إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)(١١٦)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : مات قوم من المسلمين على الإسلام قبل أن تنزل الفرائض ، فقال المسلمون : يا رسول الله! إخواننا الذين ماتوا قبل الفرائض ، ما منزلتهم؟ فنزل (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا) الآية.
التّفسير
إنّ الآية الاولى تشير إلى قانون كلّي وعام ، يؤيده العقل أيضاً ، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى مادام لم يبيّن حكماً ، ولم يصل شيء من الشرع حوله ، فإنّه تعالى سوف لا يحاسب عليه أحداً ، وبتعبير آخر : فإنّ التكليف والمسؤولية تقع دائماً بعد بيان الأحكام ، وهذا هو الذي يعبر عنه في علم الاصول بقاعدة (قبح العقاب بلا بيان). ولذلك فأوّل ما تطالعنا به الآية قوله : (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَيهُمْ حَتَّى يُبَيّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ).
وأخيراً تقول الآية : (إِنَّ اللهَ بِكُلّ شَىْءٍ عَلِيمٌ). أي إنّ علم الله يحتم ويؤكّد على أنّ الله سبحانه مادام لم يبين الحكم الشرعي لعباده ، فإنّه سوف لايؤاخذهم أو يسألهم عنه.
وتستند الآية التالية على هذه المسألة وتؤكّد : (إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ) وأنّ نظام الحياة والموت أيضاً بيد قدرته ، فإنّه هو الذي (يُحْىِ وَيُمِيتُ) وعلى هذا : (وَمَا لَكُم مّن دُونِ اللهِ مِن وَلِىّ وَلَا نَصِيرٍ). وهو إشارة إلى أنّه لما كانت كل القدرات والحكومات في عالم الوجود بيده ، وخاضعة لأمره ، فلا ينبغي لكم أن تتكلوا على غيره ، وتلتجئوا إلى البعيدين عن الله وإلى أعدائه وتوادّوهم ، وتوثّقوا علاقتكم بهم عن طريق الاستغفار وغيره.