والمعاصى : (أَن أَنذِرِ النَّاسَ).
والثاني : هو (وَبَشِّرِ الَّذِينَءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبّهِمْ).
إنّ «قدم الصدق» هذا إشارة إلى أنّ الإيمان له «سابقة فطرية» أو إشارة إلى مسألة المعاد ونعيم الآخرة ، أو أنّ القدم بمعنى القدوة والزعيم والقائد ، أي إنّنا أرسلنا للمؤمنين قائداً ومرشداً صادقاً.
وأن تكون البشارة بكل هذه الامور هي المرادة من التعبير أعلاه.
وتنهي الآية حديثها بذكر إتهام طالما كرّره المشركون واتهموا به النبي صلىاللهعليهوآله فقالت : (قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ).
إنّ أمثال هذه التعبيرات التي كانت تصدر من ناحية الأعداء ضد النبي صلىاللهعليهوآله دليل بنفسها على أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يقوم بأعمال خارقة للعادة ، بحيث تجذب القلوب والأفكار نحوها ، خاصه وأنّ التأكيد على السحر في شأن القرآن المجيد هو بنفسه دليل قاطع وقوي على الجاذبية الخارقة الموجودة في هذا الكتاب السماوي ، ولأجل خداع الناس فإنّهم كانوا يجعلونه في إطار السحر.
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٣) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (٤)
معرفة الله والمعاد : بعد أن أشار القرآن الكريم إلى مسألة الوحي والنبوة في بداية هذه السورة ، انتقل في حديثه إلى أصلين أساسيين في تعليمات وتشريعات جميع الأنبياء ، ألا وهما المبدأ والمعاد ، وبيّن هذين الأصلين ضمن عبارات قصيرة في هاتين الآيتين.
فيقول أوّلاً : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ). أي إنّ الله سبحانه قد خلق السماء والأرض في ستة مراحل.
ثم تضيف الآية : (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبّرُ الْأَمْرَ).