«العرش» : تأتي أحياناً بمعنى السقف ، وأحياناً بمعنى الشيء الذي له سقف ، وتارةً بمعنى الأسرّة المرتفعة ، هذا هو المعنى الأصلي لها ، أمّا معناها المجازي فهو القدرة.
وبعد أن تبيّن أنّ الخالق والموجد هو الله سبحانه ، اتّضح أنّ الأصنام ، ـ هذه الموجودات الميتة والعاجزة ـ لا يمكن أن يكون لها أيّ تأثير في مصير البشر ، ولهذا قالت الآية في الجملة التالية : (مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ).
وتتحدث الآية التالية ـ كما أشرنا ـ عن المعاد ، وتبيّن في جمل قصار أصل مسألة المعاد ، والدليل عليها ، والهدف منها. فتقول أوّلاً : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا). وبعد الإستناد إلى هذه المسألة المهمة والتأكيد عليها تضيف : (وَعْدَ اللهُ حَقًّا). ثم تشير إلى الدليل على ذلك بقولها : (إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ).
إنّ الآيات المرتبطة بالمعاد في القرآن توضح أنّ العلة الأساسية في تشكيك وتردد المشركين والمخالفين ، هي أنّهم كانوا يشكّون في إمكان حدوث مثل هذا الشيء ، وكانوا يسألون بتعجب بأنّ هذه العظام النخرة التي تحولت إلى تراب ، كيف يمكن أن تعود لها الحياة وترجع إلى حالتها الاولى؟ ولهذا نرى أنّ القرآن يقول : فإنّ من أوجد العالم في البداية يستطيع أن يعيد ذلك الايجاد.
ثم تبيّن الهدف من المعاد بأنّه لمكافأة المؤمنين على جميع أعمالهم الصالحة حيث لا تخفى على الله سبحانه مهما صغرت : (لِيَجْزِىَ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصلِحتِ بِالْقِسْطِ). أمّا اولئك الذين اختاروا طريق الكفر والإنكار ، ولم تكن لديهم أعمال صالحة ـ لأنّ الإعتقاد الصالح أساس العمل الصالح ـ فإنّ العذاب الأليم وأنواع العقوبات بانتظارهم : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ).
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (٦)
جانب من آيات عظمة الله : لقد مرّت في الآيات السابقة إشارة عابرة إلى مسألة المبدأ