وكذلك الليل إذا استمر فإنّ كل شيء سينجمد لشدّة البرودة.
إلّا أنّ الله سبحانه قد جعل هذين الكوكبين يتبع أحدهما الآخر لتهيئة أسباب الحياة والمعيشة على وجه الكرة الأرضية.
(إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (١٠)
أهل الجنّة والنار : هذه الآيات تفصيل حول المعاد ومصير الناس في العالم الآخر. ففي البداية يقول : (إِنَّ الَّذِينَ لَايَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا). فهم لا يعتقدون بالمعاد وتجاهلوا الآيات البينات فلم يتدبروا فيها كيما تستيقظ قلوبهم ويتحرك فيهم روح الاحساس بالمسؤولية (وَالَّذِينَ هُمْ عَنءَايتِنَا غَافِلُونَ). فكلتا هاتين الطائفتين مصيرهم إلى النار : (أُولئِكَ مَأْوَيهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
إنّ النتيجة الطبيعية والحتمية لعدم الإيمان بالمعاد هي الإرتباط بهذه الحياة المحدودة والعلائق المادية ، والاطمئنان بها والإعتماد عليها.
وكذلك فإنّ الغفلة عن الآيات الإلهية هي أساس البعد عن الله سبحانه ، والإبتعاد عن الله هو العلّة لعدم الإحساس بالمسؤولية والتلوّث بالظلم والفساد والمعصية ، وعاقبة ذلك لا تكون إلّاالنار.
إنّ هاتين الآيتين تؤكّدان مرّة اخرى هذه الحقيقة ، وهي أنّ إصلاح مجتمع ما وإنقاذه من نار الظلم والفساد ، يتطلب تقوية رُكني الإيمان بالله والمعاد اللذين هما شرطان ضروريان وأساسيان ، فإنّ عدم الإيمان بالله سبحانه سيقتلع الإحساس بالمسؤولية من وجود الإنسان ، والغفلة عن المعاد يذهب بالخوف من العقاب ، وعلى هذا فإنّ هذين الأساسين العقائديين هما أساس كل الإصلاحات الاجتماعية.
ثم يشير القرآن إلى وضع فئة اخرى في مقابل هذه الفئة ، فيقول : (إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا