الأوثان ، أشارت الآية الثانية إلى جانب من المواهب الإلهية التي أودعت في نظام الخلقة والدالة على عظمة وقدرة وحكمة الله عزوجل ، فقالت : (هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا).
نعم (إِنَّ فِى ذلِكَ لَأَيتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ). اولئك الذين يسمعون ويدركون ، وبعد إدراك الحقيقة يتبعونها ويسيرون على نهجها.
(قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠)
تستمر هذه الآيات ـ أيضاً ـ في بحثها مع المشركين ، وتذكر واحدة من أكاذيب واتهامات هؤلاء لساحة الله المقدسة ، فتقول أوّلاً : (قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا).
إنّ هذا الكلام قاله المسيحيون في حق المسيح عليهالسلام ثمّ عبدة الأوثان في عصر الجاهلية في حق الملائكة ، حيث كانوا يظنون أنّها بنات الله ، وقاله اليهود في شأن عزير. ويجيبهم القرآن بطريقين :
الأوّل : إنّ الله سبحانه منزّه عن كل عيب ونقص ، وهو مستغن عن كل شيء : (سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِىُّ). وهذا إشارة إلى أنّ الحاجة إلى الولد ، إمّا للحاجة الجسمية إلى قوته ومساعدته ، أو للحاجة الروحية والعاطفية ، ولما كان الله سبحانه منزّه عن كل عيب ونقص وحاجة ، فلا يمكن أن يتخذ لنفسه ولداً.
(لَهُ مَا فِى السَّموَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ). ومع هذا الحال فأي معنى لأن يتخذ لنفسه ولداً ليطمئنه ويهدئه ، أو يعينه ويساعده.
والجواب الثاني الذي يذكره القرآن لهؤلاء هو : إنّ من يدعي شيئاً يجب عليه أن يقيم دليلاً على مدعاه : (إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطنٍ بِهذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَاتَعْلَمُونَ).
وتعيد الآية التالية عاقبة الإفتراء على الله المشؤومة ، فتوجه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله وتقول : (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَايُفْلِحُونَ).