من الثمر ، فالتربة واحدة والساق والجذر واحد ولكن الثمر مختلف.
والأعجب من ذلك أنّها تسقى بماء واحد (يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الْأُكُلِ).
أليست هذه الأسرار تدلّ على وجود من يقود هذا النظام بالعلم والحكمة؟! وهنا في آخر الآية يقول تعالى : (إِنَّ فِى ذلِكَ لَأَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
(وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٥) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ) (٦)
تعجب الكفار من المعاد : بعد ما انتهينا من البحث السابق عن عظمة الله ودلائله ، تتطرّق الآية الاولى من هذه المجموعة إلى مسألة المعاد التي لها علاقة خاصه بمسألة المبدأ ، ويؤكّد القرآن الكريم هذا المعنى حيث يقول : (وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ). أي : إذا أردت أن تتعجب من قولهم هذا فتعجب لقولهم في المعاد.
ثم يبيّن حالهم الحاضر ومصيرهم في ثلاث جمل :
يقول أوّلاً : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبّهِمْ) ؛ لأنّهم لو كانوا يعتقدون بربوبية الله لما كانوا يتردّدون في قدرة الله على بعث الإنسان من جديد ، وعلى هذا فسوء ظنهم بالمعاد هو نتيجة لسوء ظنهم بالتوحيد وربوبية الله.
والأمر الآخر أنّه بكفرهم وعدم إيمانهم وخروجهم من ساحة التوحيد قيّدوا أنفسهم بالأغلال ، أغلال عبادة الأصنام والأهواء والمادة والجهل والخرافة ، وجعلوها في أعناقهم (وَأُولئِكَ الْأَغْللُ فِى أَعْنَاقِهِمْ).
ومثل هؤلاء الأشخاص ليس لهم عاقبة سوى دخول النار (وَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
وفي الآية الثانية يشير إلى دعوى اخرى للمشركين حيث يقول : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) بدلاً من طلب الرحمة ببركة وجودك بينهم.