إنّ «عهد الله» له معنى واسع ، ويشمل العهود الفطرية التي عاهدوا بها ربّهم كالفطرة على التوحيد وحبّ الحقّ والعدالة ، والمواثيق العقلية التي يدركها الإنسان من خلال التفكير والتعقّل لعالم الوجود ، والمبدأ والمعاد ، وتشمل كذلك العهود الشرعية ، وهي ما عاهدوا الرسول صلىاللهعليهوآله عليه من الطاعة للأوامر الإلهية وترك المعاصي والذنوب.
الصفة الثانية : من صفات اولي الألباب هي : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ).
فالإنسان له صلات وروابط كثيرة ، صلته مع ربّه ، ومع الأنبياء والقادة ، وروابطه مع الأصدقاء والجيران والأقرباء ومع كل الناس ، والآية تأمر أن تُحترم هذه الصلات.
والإنسان ليس منزوياً أو منفكّاً من عالم الوجود ، بل تحكم كل وجوده الصلات والروابط.
الصفة الثالثه والرابعة : من سيرة اولي الألباب هي قوله تعالى : (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ).
الصفة الخامسة : من صفات اولي الألباب الإستقامة في مقابل جميع المشاكل التي يواجهها الإنسان في مسيرة الطاعة وترك المعصية ، وجهاد الأعداء ومحاربة الظلم والفساد ، والصبر في مرضاة الخالق ، ولذلك يقول تعالى : (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبّهِمْ) (١).
فإنّ هذه الجملة تبيّن أنّ كل صبر وعمل خير تكون له قيمة عندما يصبح لوجه الله ، وأي عمل آخر يقع تحت تأثير الرياء والغرور لا قيمة له مطلقاً.
الصفة السادسة : من صفاتهم هي : (وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ).
إنّ الإنسان يجدّد عهده وصلته بالله سبحانه وتعالى صباحاً ومساءاً ، ويتفكّر بعظمة الخالق ويدعوه ، ويُطهّر نفسه من الذنوب ، ويرتبط بالحق المطلق.
ثم يبيّن الصفة السابعة لدعاة الحق حيث يقول تعالى : (وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً).
فالصلاة تُحكم الصلة بين العبد وربّه والزكاة بين العباد.
والجملة (مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) تشمل كل العطايا من الأموال والعلوم والقوة والجاه ، والإنفاق كذلك يشمل جميع هذه الأبعاد.
__________________
(١) ليس الصبر على الطاعة والمعصية والمصيبة فقط بل الصبر على النعم كذلك حتى لا يصيب الإنسان الغرور.