إن كلّما زاد مقام الإنسان من حيث العلم والوعي والمعرفة والإيمان ، ازدادت قيمة وعمق الأعمال الخيّرة التي يقوم بها ، وبالتالي سيكون ثوابها أكثر ، أمّا الثواب والعقاب فسوف يزداد تبعاً لهذه النسبة.
إلهي لا تكلني إلى نفسي : في تفسير مجمع البيان قال ابن عباس إنّه لما نزلت هذه الآية ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً».
وهذا الدعاء المهم لرسول الهدى صلىاللهعليهوآله يعطينا درساً مهمّاً ، وهو أنّه يجب أن نذكر الله دائماً ونلتجيء إليه ، ونعتمد على لطفه ، حيث إنّ الأنبياء المعصومين لم يسلموا من المزالق بدون نصرة الله وتثبيته لهم ، إذن فكيف بنا نحن مع كل ما يحيطنا من أشكال الوسوسة والإغواء الشيطاني.
(وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلاً (٧٦) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً) (٧٧)
سبب النّزول
نزلت في أهل مكة لمّا همّوا بإخراج النبي صلىاللهعليهوآله من مكة.
التّفسير
مؤامرة خبيثة اخرى : في الآيات السابقة رأينا كيف أنّ المشركين أرادوا من خلال مكائدهم المختلفة أن يحرفوا رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الطريق المستقيم ، لكن الله أنجاه بلطفه له ورعايته إيّاه ، وبذلك فشلت خطط المشركين.
بعد تلك الأحداث ، وطبقاً للآيات التي بين أيدينا ، وضع المشركون خطّة اخرى للقضاء على دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهذه الخطّة تقضي بإبعاد الرسول صلىاللهعليهوآله عن مسقط رأسه (مكة) إلى مكان آخر قد يكون مجهولاً وبعيداً عن الأنظار ، إلّاأنّ هذه الخطّة فشلت أيضاً بلطف الله أيضاً.
الآية الاولى تقول : (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا). بخطة دقيقة.
ثم يحذّرهم القرآن بعد ذلك بقوله : (وَإِذًا لَايَلْبَثُونَ خِلفَكَ إِلَّا قَلِيلاً). فهؤلاء سيبادون بسرعة بسبب ذنبهم العظيم في إخراج القائد الكفوء ـ الذي تذهب نفسه حسرات على