الْأَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا). فتأتون مجموعات يوم القيامة للحساب.
«لفيف» : من مادة «لفّ» وهنا تعني المجموعة المتداخلة المعقّدة بحيث لا يعرف الأشخاص ، ولا من أيّ قبيلة هم.
(وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) (١٠٩)
مرّة اخرى يشير القرآن العظيم إلى أهمية وعظمة هذا الكتاب السماوي ويجيب على بعض ذرائع المعارضين. في البداية تقول الآيات : (وَبِالْحَقّ أَنزَلْنهُ). ثم تضيف : (وَبِالْحَقّ نَزَلَ). ثم تقول : (وَمَا أَرْسَلْنكَ إِلَّا مُبَشّرًا وَنَذِيرًا). إذ ليس لك الحق في تغيير محتوى القرآن.
والفرق بين الجملة الاولى : (وَبِالْحَقّ أَنزَلْنهُ) والجملة الثانية : (وَبِالْحَقّ نَزَلَ) هو أنّ الإنسان قد يبدأ في بعض الأحيان بعمل ما ، ولكنه لا يستطيع اتمامه بشكل صحيح وذلك بسبب من ضعفه ، أمّا بالنسبة للشخص الذي يعلم بكل شيء ويقدر على كل شيء ، فإنّه يبدأ بداية صحيحة ، وينهي العمل نهاية صحيحة. وكمثال على ذلك : الشخص الذي يخرج ماءً صافياً من أحد العيون ، ولكن خلال مسير هذا الماء لا يستطيع ذلك الشخص أن يحافظ على صفاء هذا الماء ونظافته ويمنعه من التلوّث ، فيصل الماء في هذه الحالة إلى الآخرين وهو ملوّث ، إلّاأنّ الشخص القادر والمحيط بالامور ، يحافظ على بقاء الماء صافياً وبعيداً عن عوامل التلوّث حتى يصل إلى العطاشى والمحتاجين له.
القرآن كتاب نزل بالحق من قبل الخالق ، وهو محفوظ في جميع مراحله سواء في المرحلة التي كان الوسيط فيها جبرائيل الأمين ، أو المرحلة التي كان الرسول فيها هو المتلقي ، وبمرور الزمن لاتستطيع يد التحريف والتزوير أن تمتد إليه بمقتضى قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) فالله هو الذي يتكفّل حمايته وحراسته.