يعرّف بشطر أو بصفة من صفات ذلك الشخص أو المكان.
بعد ذلك ، هل من العجيب أن تكون للخالق أسماء متعددة تتناسب مع افعاله وكمالاته وهو المطلق في وجوده وفي صفاته والمنبع لكل صفات الكمال وجميع النعم ، وهو وحده عزوجل الذي يدير دفة هذا العالم والوجود؟
ففي نهاية الآية التي نبحثها نرى المشركين يتحدّثون عن صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقولون : إنّه يؤذينا بصوته المرتفع في صلاته وعبادته ، فما هذه العبادة؟ فجاءت التعليمات لرسول الله صلىاللهعليهوآله عبر قوله تعالى : (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً).
إنّ الآية أعلاه تقول : لا تقرأ بصوت مرتفع بحيث يشبه الصراخ ، ولا أقل من الحد الطبيعي بحيث تكون حركة شفاه وحسب ولا صوت فيها.
هذا الحكم الإسلامي في الدعوة إلى الإعتدال بين الجهر والإخفات يعطينا فهماً وإدراكاً من جهتين :
الاولى : لا تؤدّوا العبادات بشكل تكون فيه ذريعة بيد الأعداء ، فيقومون بالاستهزاء والتحجج ضدكم ، إذ الأفضل أن تكون مقرونه بالوقار والهدوء والأدب.
الثانية : يجب أن يكون هذ التوجيه مبدأ لنا في جميع أعمالنا وبرامجنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وتكون جميع هذه الامور بعيدة عن الإفراط والتفريط ، إذ الأساس هو : (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً).
أخيراً نصل إلى الآية الأخيرة من سورة الإسراء ، هذه الآية تنهي السورة المباركة بحمد الله ، كما افتتحت بتسبيحه وتنزيه ذاته عزوجل. إنّ هذه الآية هي خلاصة أخيرة لكل البحوث التوحيدية التي وردت في السورة ، وهي ثمرة لمفاهيمها جميعاً ، إذ هي تخاطب الرسول صلىاللهعليهوآله بالقول : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِى الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِىٌّ مِّنَ الذُّلّ).
ومثل هذا الرب في مثل هذه الصفات ، هو أفضل من كل ما تفكّر به : (وَكَبّرْهُ تَكْبِيرًا).
روى العلّامة الطبرسي رحمهالله في تفسير مجمع البيان : إنّ في هذه الآية ردّاً على اليهود والنصارى ، حين قالوا اتّخذ الله الولد ، وعلى مشركي العرب حيث قالوا : لبيك لا شريك لك ، إلّا شريكاً هو لك. وعلى الصابئين والمجوس حين قالوا : لولا أولياء الله لذل الله.
|
نهاية تفسير سورة الإسراء |
* * *