إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ) وكان هدفه من تركه (لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ).
صحيح أنّ أذهاننا تنصرف من لفظ عبادة الأصنام إلى الأصنام الحجرية والخشبية على الأكثر ، إلّاأنّ الصنم والصنمية ـ من وجهة نظر ـ لها مفهوم واسع يشمل كل ما يُبعد الإنسان عن الله ، بأيّ شكل وصورة كان.
(قَالُوا مَنْ فَعَلَ هذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (٦٠) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (٦١) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (٦٢) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (٦٧)
وأخيراً عبدة الأصنام دخلوا المعبد وواجهوا منظراً أطار عقولهم من رؤوسهم ، فقد وجدوا تلًّا من الأيادي والأرجل المكسّرة المتراكمة بعضها على البعض الآخر في ذلك المعبد المعمور ، فصاحوا و (قَالُوا مَن فَعَلَ هذَا بَالِهَتِنَا). ولا ريب أنّ من فعل ذلك ف (إِنَّهُ لَمِنَ الظلِمِينَ) فقد ظلم آلهتنا ومجتمعنا ونفسه ، لأنّه عرض نفسه للهلاك بهذا العمل.
إلّا أنّ جماعة منهم تذكّروا ما سمعوه من إبراهيم عليهالسلام وإزدرائه بالأصنام وتهديده لها وطريقة تعامله السلبي لهذه الآلهة المزعومة ، (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرهِيمُ).
إنّ إبراهيم كان شاباً ، وربّما لم يكن سنّه يتجاوز (١٦) عاماً.
إنّ المألوف ـ عادةً ـ عندما تقع جريمة في مكان ما ، فإنّه ومن أجل كشف الشخص الذي قام بهذا العمل ، تبحث علاقات الخصومة والعداء ، ومن البديهي أنّه لم يكن هناك شخص في تلك البيئة من يعادي الأصنام غير إبراهيم ، ولذلك توجّهت إليه أفكار الجميع ، و (قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) عليه بالجريمة.
فنادى المنادون في نواحي المدينة : «ليحضر كل من يعلم بعداء إبراهيم وإهانته للأصنام».