والتعليمات الشاملة الواسعة؟ ولهذا تجيب بقية الآية الشريفة فتقول أوّلاً : (هُوَ اجْتَبكُمْ). أي : حمّلكم هذه المسؤوليات بإختياركم من بين خلقه.
والعبارة الاخرى قوله جلّ وعلا : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدّينِ مِنْ حَرَجٍ). أي : إذا دقّقتم جيّداً لم تجدوا صعوبة في التكاليف الربّانية لإنسجامها مع فطرتكم التي فطركم الله عليها ، وهي الطريق إلى تكاملكم.
وثالث عبارة : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرهِيمَ).
إنّ إطلاق كلمة «الأب» على إبراهيم عليهالسلام ، إمّا بسبب كون العرب والمسلمين آنذاك من نسل إسماعيل عليهالسلام غالباً ، وإمّا لكون إبراهيم عليهالسلام هو الأب الروحي للموحدين جميعاً.
ويليها تعبير : (هُوَ سَمكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هذَا). أي هو سمّاكم المسلمين في الكتب السماوية السابقة.
وخامس عبارة خصّ بها المسلمين وجعلهم قدوة للُامم الاخرى هي قوله المبارك : (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ).
وكون الرسول صلىاللهعليهوآله شاهداً على جميع المسلمين يعني إطلاعه على أعمال امّته. فجميع الامة شهداء ، والأئمة الطاهرين شهود ممتازون على هذه الامة.
وأعادت الآية في ختامها بشكل مركّز الواجبات الخمسة في ثلاث جمل هي (فَأَقِيمُوا الصَّلَوةَ وَءَاتُوا الزَّكَوةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ). فإنّ الله هو قائدكم وناصركم ومعينكم : (هُوَ مَوْلكُمْ) و (فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ). أي : إنّ الله أمركم بالإعتصام به لكونه خير الموالي وأجدر الأعوان.
|
نهاية تفسير سورة الحج |
* * *