إنّ المسيحيين يرون النبي عيسى عليهالسلام إبناً لله ، والمشركون يرون الملائكة بنات لله ، وهذا أوضح مظهر للشرك.
ثم بيّنت الآية بطلان الشرك : أنّه لو كان هناك آلهة متعدّدة تحكم العالم ، فسيكون لكل إله مخلوقاته الخاصة به يحكم عليها ويدبّر امورها.
وسيكون تبعاً لذلك أنظمة متعددة للعالم ، لأنّ كل واحد من الآلهة يدير منطقته بنظام خاص : (إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِمَا خَلَقَ). وهذا ينافي وحدة النظام الحاكم في هذا العالم.
(وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ). وهذه نتيجة محتومة لكل صراع ، إذ يسعى كل طرف فيه لغلبة الآخرين والهيمنة عليهم ، وهذا سيكون بذاته سبباً آخر لتفكّك النظام الموحد السائد في العالم.
وجاء في ختام الآية تقديس لله سبحانه (سُبْحنَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ).
والآية التالية تردّ على المشركين المغالطين فتقول : (علِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهدَةِ). أي : إنّ الله يعلم ظاهر الأشياء وباطنها ، فكيف تتصورون وجود إله آخر تعرفونه أنتم ولا يعرفه الربّ الذي خلقكم والذي يعلم الغيب والشهادة في هذا العالم؟
وبهذه العبارة يبطل تصوراتهم الخرافية : (فَتَعلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
وختام هذه الآية يشبه ختام الآية (١٨) من سورة يونس ، كما أنّ هذه العبارة تهديد موجّه للمشركين بأنّ الله الذي يعلم السرّ والعلن ، يعلم ما تقولونه ، وسيحاسبكم عليه يوم القيامة في محكمته العادلة.
(قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) (٩٨)
مع مخاطبة هذه الآيات للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، واصلت مقاصد الآيات السابقة في تهديد الكفار والمشركين المعاندين بأنواع العذاب الإلهي : (قُلْ رَّبّ إِمَّا تُرِيَنّى مَا يُوعَدُونَ).
(رَبّ فَلَا تَجْعَلْنِى فِى الْقَوْمِ الظلِمِينَ).