١ ـ الحكم بمعاقبة النساء والرجال الذين يمارسون الزنا.
٢ ـ إقامة هذا الحكم الإلهي بعيداً عن الرأفة بمن يقام عليه.
٣ ـ أوجب الله حضور عدد من المؤمنين في ساحة معاقبة الزناة ليتعظ الناس بما يرون من إقامة حكم الله العادل على المذنبين.
وبعد بيان حدّ الزنا ، جاء بيان حكم الزواج من هؤلاء في الآية الثالثة كما يلي : (الزَّانِى لَايَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
إنّ الآية تبيّن واقعة ملموسة ، فالمنحطون يختارون المنحطات ، وكذلك يفعلن هنّ في اختيارهن ، بينما يَسْمو المتطهّرون المؤمنون عن ذلك. كما تبيّن في هذه العبارة حكماً شرعياً وأمراً إلهياً يمنع المؤمنين من الزواج مع الزانيات ، ويمنع المؤمنات من الزواج مع الزناة ، لأنّ الانحرافات الأخلاقية كالأمراض الجسمية المعدية في الغالب.
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥)
عقوبة البهتان : قد يستغلّ المعترضون ما نصّت عليه الآيات السابقة من عقوبات شديدة للزاني والزانية فيسيئون للمتطهّرين ، فبيّنت الآيات اللاحقة هنا عقوبات شديدة للذين يرمون المحصنات. تقول الآية : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ) (١). فالأشخاص الذين يتّهمون النساء العفيفات بعمل ينافي العفة (أي : الزنا) ، ولم يأتوا بأربعة شهود عدول لإثبات إدعائهم. فحكمهم : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمنِينَ جَلْدَةً). وتضيف الآية حكمين أخرين : (وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهدَةً أبَدًا وَأُولئِكَ هُمُ الْفسِقُونَ).
«القذف» : إذا جرى بلفظ صريح ، وبأيّ لغة وأيّة صورة فحدّه هو ثمانون جلدة ، وإذا لم يكن صريحاً فيعزّر القاذف.
وهذا التشديد في الحكم المشرّع لحفظ الشرف والطهارة ، ليس خاصاً بهذه المسألة ، ففي كثير من التعاليم الإسلامية نراه ماثلاً أمامنا.
__________________
(١) «الرّمي» في الأصل هو اطلاق السهم أو قذف الحجر وأمثالهما ، وقد استخدمت الكلمة هنا كناية عن اتّهام الأشخاص وسبابهم ووصفهم بما لا يليق.