الدنيا ، ومنهمكون بعبادة الزينة والجمال والعمل في القصور حتى نسيتم الدار الآخرة.
في تفسير مجمع البيان روى عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «إنّ لكل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة ، إلّاما لابدّ منه».
ثم ينتقد النبي (هود) قومه على قسوتهم وبطشهم عند النزاع والجدال فيقول : (وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ).
يدل هذه الآيات الثلاث أعلاه على أنّ عشق الدنيا كان قد هيمن عليهم ، وأغفلهم عن ذكر الله حتى ادعوا الألوهية.
والقسم الثالث من حديث هود مما بيّنه لقومه ، هو ذكر نعم الله على عباده ليحرك فيهم ـ عن هذا الطريق ـ الإحساس بالشكر لعلهم يرجعون نحو الله.
وفي هذا الصدد يتبع النبي هود أسلوبي الإجمال والتفصيل ، وهما مؤثران في كثير من الأبحاث ، فيلتفت نحوهم أوّلاً فيقول : (وَاتَّقُوا الَّذِى أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ) (١).
وبعد هذا التعبير المجمل يذكر تفصيل نعم الله عليهم ، فيقول : (أَمَدَّكُم بِأَنْعمٍ وَبَنِينَ).
ثم يضيف بعد ذلك : (وَجَنتٍ وَعُيُونٍ).
وهكذا فقد وفر الله لكم سبل الحياة جميعاً ، من حيث الأبناء أو القوّة الإنسانية ، والزراعة والتدجين ووسائل الحمل والنقل.
وأخيراً ، فإنّ هوداً في آخر مقطع من حديثه مع قومه ينذرهم ويهددهم بسوء الحساب وعقاب الله لهم ، فيقول : (إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
وعادة ـ يستعمل لفظ (اليوم العظيم) في القرآن ، ويراد منه يوم القيامة العظيم من كل وجه ، إلّاأنّه قد يستعمل في القرآن في اليوم الصعب الموحش المؤلم على الامم. فبناء على هذا قد يكون التعبير بـ «يوم عظيم» في الآية محل البحث ، إشارة إلى اليوم الذي ابتلي به المعاندون من قوم هود (عاد) بالعذاب الأليم.
كما يمكن أن يكون إشارة إلى يوم القيامة وعذابه ، أو إلى العذابين معاً ، فيوم الاعصار يوم عظيم ، ويوم القيامة يوم عظيم أيضاً.
__________________
(١) «أمدّ» : مأخوذ من «الإمداد» ، ويطلق في الأصل على أمور توضع بعضها بعد بعض بشكل منظم ، وحيث إنّ الله يرسل نعمه بشكل منظم إلى عباده استعملت هذه الكلمة هنا أيضاً.