فهم يرون الملوّث نقيّاً ، والقبيح حسناً ، والعيب فخراً ، والشقاء سعادةً وانتصاراً.
وهذا التغير في القِيم ، أو اضطراب المعايير في نظر الإنسان ، يؤدّي إلى الحيرة في متاهات الحياة ... وهو من أسوأ الحالات التي تصيب الإنسان.
ثم تبيّن الآية التالية نتيجة «تزيين الأعمال» وعاقبة اولئك الذين شغفوا بها فتقول : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ). فهم في الدنيا سيمسون حيارى آيسين نادمين ، وسينالون العقاب الصارم في الآخرة (وَهُمْ فِى الْأَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ).
وأمّا الآية الأخيرة ـ من الآيات محل البحث ـ فهي بمثابة إكمال البيانات السابقة في صدد عظمة محتوى القرآن ، ومقدمة لقصص الأنبياء التي تبدأ بعدها مباشرة فتقول : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْءَانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ).
وبالرغم من أنّ الحكيم والعليم كلاهما إشارة إلى علم الله سبحانه ، إلّاأنّ الحكمة تبيّن الجوانب العملية ، والعلم يبيّن الجوانب النظرية ... وبتعبير آخر : إنّ العليم يخبر عن علم الله الواسع ، والحكيم يدل على الهدف من إيجاد هذا العالم وإنزال القرآن على قلب النبي (محمّد صلىاللهعليهوآله).
(إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (١٢) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (١٤)
موسى يقتبس النور : يجري الكلام في هذه السورة ـ كما أشرنا من قبل ـ بعد بيان أهمية القرآن ، عن قصص خمسة أنبياء عظام ، وذكر اممهم ، والوعد بانتصار المؤمنين وعقاب