وهذا القول أو العذاب دنيوي ، إذا فسّرنا الآية بالرجعة ، أو هو عذاب الآخرة إذا فسّرنا الآية بيوم القيامة (١).
(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (٨٨)
حركة الأرض إحدى معاجز القرآن العلمية : مرّة اخرى تتحدث هذه الآيات عن مسألة المبدأ والمعاد ، وآثار عظمة الله ، ودلائل قدرته في عالم الوجود ، وحوادث القيامة ، فتقول : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا الَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا). وفي ذلك علائم ودلائل واضحة على قدرة الله وحكمته لمن كان مستعداً للإيمان (إِنَّ فِى ذلِكَ لَأَيتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
والآية التالية تتحدث عن مشاهد القيامة ومقدماتها ، فتقول : وَاذكر (يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِى السَّموَاتِ وَمَن فِى الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ). أي خاضعين.
ويستفاد من مجموع آيات القرآن أنّ النفخ في الصور يقع مرّتين أو ثلاث مرات :
فالمرّة الاولى يقع النفخ في الصور عند نهاية الدنيا وبين يدي القيامة ، وبها يفزع من في السماوات والأرض إلّامن شاء الله.
والثانية «عند النفخ» يموت الجميع من سماع الصيحة ، ولعلّ هاتين النفختين واحدة.
والمرّة الثالثة ينفخ في الصور عند البعث وقيام القيامة .. إذ يحيا الموتى جميعاً بهذه إلّاأنّ الظاهر من الآية يدل على أنّ النفخة هنا إشارة إلى النفخة الاولى التي تقع في نهاية الدنيا.
والآية التالية تشير إلى إحدى آيات عظمة الله في هذا العالم الواسع ، فتقول : (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ).
فمن يكون قادراً على كل هذا النظم والإبداع في الخلق ، لا ريب في علمه و (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ).
__________________
(١) و «الرجعة» من عقائد الشيعة المعروفة ، وتفسيرها في عبارة موجزة بهذا النحو : بعد ظهور المهدي عليهالسلام وبين يدي القيامة ، يعود طائفة من المؤمنين الخلّص ، وطائفة من الكفار الأشرار ، إلى هذه الدنيا .. فالطائفة الاولى تصعد في مدارج الكمال ... والطائفة الثانية تنال عقابها الشديد.