التنور المشتعل ناراً.
وقد جعل الله النار عليه برداً وسلاماً «الله الذي نجّى إبراهيم الخليل من نار النمرود» فأخرجت وليدها سالماً من التنور.
لكن الام لم تهدأ إذ أنّ الجواسيس يمضون هنا وهناك ويفتشون البيوت.
وفي هذه الحال اهتدت ام موسى بإلهام جديد ، فجاءت إلى نجّار مصري «وكان النجار من الأقباط والفراعنة أيضاً» فطلبت منه أن يصنع صندوقاً صغيراً.
والوقت كان فجراً والناس ـ بعد ـ نيام ، وفي هذه الحال خرجت ام موسى وفي يديها الصندوق الذي أخفت فيه ولدها موسى ، فاتجهت نحو النيل وأرضعت موسى حتى ارتوى ، ثم ألقت الصندوق في النيل فتلقفته الأمواج.
ورد في الأخبار أنّ فرعون كانت له بنت مريضة ، وكانت هذه البنت تعاني من آلام شديدة لم ينفعها علاج الأطباء ، فلجأ إلى الكهنة فقالوا له : نتكهن ونتوقع أنّ إنساناً يخرج من البحر يكون شفاؤها من لعاب فمه حين يدهن به جسدها ، وكان فرعون وزوجه «آسية» في إنتظار هذا «الحادث» وفي يوم من الأيام .. فجأة لاح لعيونهما صندوق تتلاطمه أمواج النيل فلفت الأنظار ، فأمر فرعون عمّاله أن يأتوا به ليعرفوا ما به؟!
ومثّل الصندوق «المجهول» الخفي أمام فرعون ، فلما وقعت عين آسية عليه سطع منه نور فأضاء قلبها ، ودخل حبّه في قلوب الجميع ، وحين شفيت بنت فرعون من لعاب فمه زادت محبّته أكثر فأكثر.
ولنعد الآن إلى القرآن الكريم لنسمع خلاصة القصة من لسانه. يقول القرآن في هذا الصدد : (فَالْتَقَطَهُءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا).
«التقط» : مأخوذة من مادة «التقاط» ومعناها في الأصل الوصول إلى الشيء دون جهد وسعي ، وإنّما سميت الأشياء التي يعثر عليها «لقطة» للسبب نفسه أيضاً ..
ثم تختتم الآية بالقول : (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهمنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خطِينَ). وأي خطأ أعظم من أن يحيدوا عن طريق العدل والحق ، وأن يبنوا قواعد حكمهم على الظلم والجور والشرك.
وأي خطأ أعظم أن يذبحوا آلاف الأطفال ليقتلوا موسى عليهالسلام ، ولكن الله سبحانه أودعه في أيديهم وقال لهم : خذوا عدوّكم هذا وربّوه ليكبر عندكم.
ويستفاد من الآية التالية أنّ شجاراً حدث ما بين فرعون وامرأته ، ويحتمل أنّ بعض