(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (٨) وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) (٩)
في قصر فرعون : من أجل رسم مثل حي لانتصار المستضعفين على المستكبرين ، يدخل القرآن المجيد في سرد قصة موسى وفرعون. يقول القرآن : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
وهذه الآية على إيجازها تشتمل على أمرين ونهيين وبشارتين ، وهي خلاصة قصة كبيرة وذات أحداث ومجريات ننقلها بصورة مضغوطة :
كانت سلطة فرعون وحكومته الجائرة قد خططت تخطيطاً واسعاً لذبح «الأطفال» من بني إسرائيل حتى أنّ القوابل [من آل فرعون] كنّ يراقبن النساء الحوامل [من بني إسرائيل] ، ومن بين هؤلاء القوابل كانت قابلة لها علاقة مودّة مع أمّ موسى عليهالسلام «وكان الحمل خفيّاً لم يظهر أثره على امّ موسى» وحين أحسّت امّ موسى بأنّها مقرب وعلى أبواب الولادة أرسلت خلف هذه القابلة وأخبرتها بالواقع ، وأنّها تحمل جنيناً في بطنها وتوشك أن تضعه ، فهي بحاجة ـ هذا اليوم ـ إليها.
وحين ولد موسى عليهالسلام سطع نور بهيّ من عينيه فاهتزّت القابلة لهذا النور وطُبع حُبّه في قلبها ، وأنار جميع زوايا قلبها ، فالتفتت القابلة إلى امّ موسى وقالت لها : كنت أروم أن أخبر الجهاز الفرعوني بهذا الوليد ولكن ما عسى أن أفعل وقد وقع حبّه الشديد في قلبي ، فاهتمي بالمحافظة عليه ، وأظنّ أنّ عدوّنا المتوقع سيكون هذا الطفل أخيراً.
ثم خرجت القابلة من بيت ام موسى فرآها بعض الجواسيس من جلاوزة فرعون وصمموا على أن يدخلوا البيت ، فعرفت أخت موسى ما أقدموا عليه فأسرعت إلى امّها وأخبرتها بأن تتهيأ للأمر ، وفي هذه الحالة من الإرتباك وهي ذاهلة لفت وليدها «موسى» بخرقة وألقته في التنور فإذا بالمأمورين والجواسيس يقتحمون الدار ، فلم يجدوا شيئاً إلّا