إعدادات
مختصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل [ ج ٣ ]
مختصر الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل [ ج ٣ ]
المؤلف :آية الله ناصر مكارم الشيرازي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
الصفحات :591
تحمیل
ولكون ورود جملة (يُذَبّحُ أَبْنَاءَهُمْ) بعد جملة (يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ) فإنّ مسألة اخرى تتجلى أمامنا ، وهي أنّ الفراعنة اتخذوا خطة لاستضعاف بني إسرائيل بذبح الأبناء ، لئلا يستطيع بنو إسرائيل أن يواجهوا الفراعنة ويحاربوهم ، وكانوا يتركون النساء اللاتي لا طاقة لهن على القتال والحرب ، ليكبرن ثم يخدمن في بيوتهم.
وفي آخر جملة تأتي الآية بتعبير جامع ، وفيه بيان العلة أيضاً فتقول : (إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).
والتعبير ب «يذبّح» المشتق من مادة «المذبح» تدل على معاملة الفراعنة لبني إسرائيل كمعاملة القصابين للأغنام والأنعام الاخرى ، إذ كانوا يذبحون هؤلاء الناس الأبرياء ويحتزون رؤوسهم.
ثم تأتي الآية الاخرى لتقول : إنّ إرادتنا ومشيئتنا إقتضت احتواء المستضعفين بلطفنا وكرمنا ؛ (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الْأَرْضِ) وأن تشملهم رعايتنا ومواهبنا تكون بيد الحكومة ومقاليد الأمور : (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
ويكونون اولي قوة وقدرة في الأرض (وَنُمَكّنْ لَهُمْ فِى الْأَرْضِ وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهمنَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ).
فهي بشارة في صدد إنتصار الحق على الباطل والإيمان على الكفر.
وهي بشارة لجميع الأحرار الذين يريدون العدالة وحكومة العدل وانطواء بساط الظلم والجور.
وحكومة بني إسرائيل وزوال حكومة الفراعنة ما هي إلّانموذج لتحقق هذه المشيئة الإلهية والمثل الأكمل هو حكومة نبي الأعظم صلىاللهعليهوآله وأصحابه بعد ظهور الإسلام.
والمثل الأكبر والأوسع هو ظهور حكومة الحق والعدالة على جميع وجه البسيطة ـ والكرة الأرضية ـ على يد «المهدي» أرواحنا له الفداء.
ومن الطبيعي أنّ حكومة المهدي عليهالسلام العالمية في آخر الأمر لا تمنع من وجود حكومات إسلامية في معايير محدودة قبلها من قبل المستضعفين ضد المستكبرين ، ومتى ما تمّت الظروف والشروط لمثل هذه المحكومات الإسلامية فإنّ وعد الله المحتوم والمشيئة الإلهية سيتحققان في شأنها ، ولابدّ أن يكون النصر حليفها بإذن الله.