يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ).
فالخلق بيده ، والتدبير والإختيار بيده أيضاً ، وهو ذو الإرادة.
فمع هذه الحال ، كيف يسلك هؤلاء طريق الشرك ويتجهون نحو غير الله؟ لذلك فإنّ الآية تنزه الله عن الشرك وتقول : (سُبْحنَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
أمّا الآية التي بعدها فتتحدث عن علم الله الواسع ، وهي تأكيد أو دليل على الإختيار الواسع في الآية السابقة ، إذ تقول هذه الآية : (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ).
فإحاطته بكل شيء دليل على اختياره لكل شيء ، كما هي ـ ضمناً ـ تهديد للمشركين ، لئلا يظنوا أنّ الله غير مطلع على سرائرهم ونيّاتهم و «مؤامراتهم».
والآية الأخيرة من هذا المقطع ، هي نتيجة الحكم ، وتوضيح للآيات السابقة في مجال نفي الشرك ، وهي ذات أربعة أوصاف من أوصاف الله ، وجميعها فرع على خالقيته واختياره.
فالأوّل : أنّه (وَهُوَ اللهُ لَاإِلهُ إِلَّا هُوَ).
فمن يتوسل بالأصنام لتشفع له عند الله فهو من المضلين الخاطئين.
والثاني : أنّ جميع النعم دنيويةً كانت أم اخروية هي منه ، وهي من لوازم خالقيته المطلقة ، لذلك يقول القرآن في هذا الصدد : (لَهُ الْحَمْدُ فِى الْأُولَى وَالْأَخِرَةِ).
الثالث : أنّه (وَلَهُ الْحُكْمُ). فهو الحاكم في هذا العالم ، وفي العالم الآخر.
والرابع : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) للحساب والثواب والعقاب.
فالله الخالق ، وهو المطّلع ، وهو الحاكم يوم الجزاء ، وبيده الحساب والثواب والعقاب.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (٧٥)