أجل : (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكذِبِينَ).
من البديهي أنّ الله يعرف جميع هذه الامور جيداً ـ قبل أن يخلق الإنسان ـ إلّاأنّ المراد من العلم هنا هو ظهور الآثار والشواهد العملية ... ومعناه أنّه ينبغي أن يرى علم الله في هذه المجموعة عملياً في الخارج ، وأن يكون لها تحقق عيني.
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) (٧)
لا مهرب من سلطان الله : كان الكلام في الآيات السابقة عن امتحان المؤمنين الشامل ، والآية الاولى من الآيات أعلاه تهديد شديد للكفّار والمذنبين ، لئلا يتصوروا أنّهم حين يضيّقون على المؤمنين ويضغطون عليهم دون أن يعاقبهم الله فوراً ، فإنّ الله غافل عنهم أو عاجز عن عذابهم ، تقول الآية هذه : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ). فلا ينبغي أن يغرّهم إمهال الله إيّاهم فهو امتحان لهم ، كما أنّه فرصة للتوبة والعودة إلى ساحة الله تعالى.
ثم يتحدث القرآن مرّة اخرى عن سير المؤمنين ومناهجهم ، ويقدم النصح لهم ، فيقول : (مَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ اللهِ). فعليه أن يعمل ما في وسعه على امتثال الأوامر الإلهية والأحكام الشرعية ، لأنّ الوقت المعين سيأتي حتماً (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَأَتٍ).
ثم إنّ الله سبحانه يسمع أحاديثكم ، وهو مطلع على أعمالكم ونيّاتكم ... لأنّه (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
إنّ «لقاء الله» في يوم القيامة ليس لقاءاً حسيّاً بل نوعاً من الشهود الباطني.
وكما يقول العلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان : إنّ المقصود من لقاء الله ، هو أنّ العباد يكونون في موقف لا يكون بينهم وبين الله حجاب ، لأنّ طبيعة يوم القيامة هي ظهور الحقائق كما يقول القرآن : (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ). سورة النور الآية (٢٥).
أمّا الآية التي تليها فهي تعليل لما سبق بيانه في الآية الآنفة ، إذ تقول : إنّ على المؤمنين