(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (١١) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (١٣)
شركاء في الإنتصار أمّا في الشدة فلا : حيث إنّ الآيات المتقدمة تحدثت عن المؤمنين الصالحين والمشركين بشكل صريح ، ففي الآيات الاولى من هذا المقطع يقع الكلام على الفريق الثالث ـ أي المنافقين ـ فيقول القرآن فيهم : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُءَامَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِىَ فِى اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ). فلا يصبرون على الأذى والشدائد ، ويحسبون تعذيب المشركين لهم وأذى الناس أنّه عذاب من الله (وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ). فنحن معكم في هذا الافتخار والفتح.
ترى هل يظنون أنّ الله خفيّ عليه ما في أعماق قلوبهم فلا يعرف نيّاتهم (أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ الْعَالَمِينَ).
ولعل التعبير ب «آمنّا» بصيغة الجمع ، مع أنّ الجملة التي تليه جاءت بصيغة المفرد ، هو من جهة أنّ هؤلاء المنافقين يريدون أن يقحموا أنفسهم في صف المؤمنين ، فلذلك يقولون «آمنّا» أي آمنّا كسائر الناس الذين آمنوا.
وجملة (أُوذِىَ فِى اللهِ) معناه أوذي في سبيل الله ، أي إنّهم قد يتعرض لهم العدوّ ـ أحياناً ـ وهم في سبيل الله والإيمان فيؤذيهم.
وفي الآية التالية ـ لمزيد التأكيد ـ يضيف القرآن قائلاً : (وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَءَامَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ). فلو تصوروا أنّهم إذا أخفوا الحقائق فإنّهم سيكونون في منأى عن علم الله فهم في خطأ كبير جدّاً.
إنّ التعبير بالمنافقين لها معنى واسع ، ويشمل حتى الأفراد ضعاف الإيمان الذين يبدّلون عقيدتهم لأدنى مكروه يصيبهم.