إنّ تعبير «أسرى» في الآية يشير إلى وقوع السفر ليلاً.
وبالرغم من أنّ كلمة «ليلاً» جاءت في الآية تأكيداً لكلمة «أسرى» إلّاأنّها تريد أن تبيّن أنّ سفر الرسول صلىاللهعليهوآله قد تمّ في ليلة واحدة فقط على الرغم من أنّ المسافة بين المسجد الحرام وبيت المقدس تقدّر بأكثر من مائة فرسخ ، هذا السفر يقع في ليلة واحدة فقط.
(وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً (٣) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً (٤) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً (٥) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً (٧) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً) (٨)
بعد أن أشارت الآية الاولى في السورة إلى معجزة إسراء النبي صلىاللهعليهوآله كشفت آيات السورة الاخرى عن موقف المشركين والمعارضين لمثل هذه الأحداث ، وأبانت استنكارهم لها ، وعنادهم إزاء الحق ، في هذا الإتجاه انعطفت الآية الاولى ـ من الآيات مورد البحث ـ على قوم موسى ، لتقول لرسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ تأريخ النبوّات واحد ، وإنّ موقف المعاندين واحد أيضاً ، وأنّه ليس من الجديد أن يقف الشرك القرشي موقفه هذا منك ، وبين يديك الآن تأريخ بني إسرائيل في موقفهم من موسى عليهالسلام. تقول الآية أوّلاً : (وَءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ).
وصفة هذا الكتاب أنّه : (وَجَعَلْنهُ هُدًى لّبَنِى إِسْرَاءِيلَ). والكتاب الذي تعنيه الآية هنا هو «التوراة» الذي نزل على موسى عليهالسلام هدى لبني إسرائيل.
ثم تشير الآية إلى الهدف من بعثة الأنبياء بما فيهم موسى عليهالسلام فتقول : (أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِى وَكِيلاً).