القيادة ودورها في مستقبل البشر فتقول : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ). يعني أنّ الذين اعتقدوا بقيادة الأنبياء وأوصيائهم ومن ينوب عنهم في كل زمان وعصر ، سوف يكونون مع قادتهم ويحشرون معهم ، أمّا الذين انتخبوا الشيطان وأئمة الضلال والظالمين والمستكبرين قادة لهم ، فإنّهم سيكونون معهم ويحشرون معهم.
هذا التعبير والإشارة إلى دور الإمامة وكونها من أسباب تكامل الإنسان ، يعتبر في نفس الوقت تحذيراً لكل البشرية كي تدقق في انتخاب القيادة ، ولا تعطي أزمّة وجودها الفكري والحياتي بيد أيّ شخص كان.
ثم تقسّم الآية الناس يوم القيامة إلى قسمين : (فَمَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (١). أمّا القسم الآخر فهو : من كان في الدنيا أعمى القلب : (وَمَن كَانَ فِى هذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِى الْأَخِرَةِ أَعْمَى). وطبيعي أن يكون هؤلاء العميان القلوب أضلّ من جميع المخلوقات (وَأَضَلُّ سَبِيلاً).
وفي كتاب التوحيد للصدوق عن الإمام الباقر عليهالسلام في قول الله عزوجل (وَمَن كَانَ فِى هذِهِ أَعْمَى) قال : من لم يدله خلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، ودوران الفلك والشمس والقمر والآيات العجيبات ، على أنّ وراء ذلك أمر أعظم منه ، فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلاً».
لذلك نقرأ في الآيات (١٢٤ ـ ١٢٦) من سورة طه ، قوله تعالى : (وَمَن أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيمَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبّ لِمَ حَشَرْتَنِى أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذلِكَ أَتَتْكَءَايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى).
دور القيادة في الإسلام : في الكافي عن الإمام محمّد بن علي الباقر عليهالسلام ينقل أنّه عندما كان يتحدّث عن الأركان الأساسية في الإسلام ذكر الولاية كخامس وأهم ركن ، في حين أنّ الصلاة التي توضّح العلاقه بين الخالق والخلق ، والصيام الذي هو رمز محاربة الشهوات ، والزكاة التي تحدّد العلاقة بين الخلق والخالق ، والحج الذي يكشف الجانب الاجتماعي في
__________________
(١) «فتيل» : تعني الخيط الرقيق الموجود في شق نوى التمر ، وفي المقابل فإنّ «نقير» تعني مؤخرة نوى التمر ، بينما تعني «قطمير» الطبقة الرقيقة التي تغطّي نوى التمر. وكل هذه التعابير كناية عن الشيء الصغير جدّاً والحقير.