يطالب بدمكم ويثأر لكم منّا.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كَانَ فِي هذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٧٢)
الإنسان سيد الموجودات : إنّ واحدة من أبرز طرق الهداية والتربية ، هي التنويه بشخصية الإنسان ومكانته ومواهبه ، لذا فإنّ القرآن الكريم وبعد بحوثه عن المشركين والمنحرفين في الآيات السابقة ، يقوم هنا بتبيان الشخصية الممتازة للإنسان والمواهب التي منحها إيّاها رب العالمين ، لكي لا يلوّث الإنسان جوهره الثمين ، ولا يبيع نفسه بثمن بخس ، حيث يقول تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىءَادَمَ).
ثم تشير الآيات القرآنية إلى ثلاثة أقسام من المواهب الإلهية التي حباها الله لبني البشر ، هذه المواهب هي أوّلاً : (وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ).
ثم قوله تعالى : (وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيّبَاتِ) ومع الالتفات إلى سعة مفهوم (الطيب) الذي يشمل كل موجود طيّب وطاهر تتّضح عظمة وشمولية هذه النعمة الإلهية الكبيرة.
أمّا القسم الثالث من المواهب فينص عليه قوله تعالى : (وَفَضَّلْنهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً).
لماذا كان الإنسان أفضل المخلوقات؟ إنّا نعلم أنّ الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتكوّن من قوى مختلفة ، مادية ومعنوية ؛ جسمية وروحية ، وينمو وسط المتضادات ، وله استعدادات غير محدودة للتكامل والتقدم.
في كتاب علل الشرايع عن الإمام علي عليهالسلام قال : «إنّ الله عزوجل ركّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة ، وركّب في البهائم شهوة بلا عقل ، وركّب في بني آدم كليهما ، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، ومن غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم».
الآية التي بعدها تشير إلى موهبة اخرى من المواهب الإلهية التي حباها الله للإنسان ، ورتّبت عليه المسؤوليات الثقيلة بسبب هذه المواهب. ففي البداية تشير الآية إلى قضية