مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ).
من المسلم أنّ اولئك لم يكونوا يستطيعون إدّعاء كون أيّ من المخلوقات من خلق الأصنام ، وعلى هذا فإنّهم كانوا يقرّون بتوحيد الخالق ، مع هذا الحال كيف يستطيعون تعليل الشرك في العبادة ؛ لأنّ توحيد الخالق دليل على توحيد الرب وكون مدبّر العالم واحداً ، وهو دليل على توحيد العبودية.
ولذلك اعتبرت الآية عمل اولئك منطبقاً على الظلم والضلال ، فقالت : (بَلِ الظَّالِمُونَ فِى ضَللٍ مُّبِينٍ).
ومعلوم أنّ «الظلم» له معنىً واسعاً يشمل وضع كل شيء في غير موضعه ، ولما كان المشركون يربطون العبادة ، وتدبير العالم أحياناً بالأصنام ، فإنّهم كانوا مرتكبين لأكبر ظلم وضلالة.
(وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٥)
لتكميل البحوث السابقة حول التوحيد والشرك ، وأهميّة وعظمة القرآن ، والحكمة التي استعملت واتّبعت في هذا الكتاب السماوي ، فقد ورد الكلام في هذه الآيات التي نبحثها والآيات الاخرى التالية عن لقمان الحكيم ، وعن جانب من المواعظ المهمة لهذا الرجل المتألّه في باب التوحيد ومحاربة الشرك.
إنّ هذه المواعظ العشرة التي ذكرت ضمن ستّ آيات ، قد بيّنت باسلوب رائع المسائل العقائدية ، إضافةً إلى اصول الواجبات الدينية والمباحث الأخلاقية.
لقد ورد اسم «لقمان» في آيتين من القرآن في هذه السورة ، وأنّ اسلوب القرآن في شأن