لقمان يوحي بأنّه لم يكن نبيّاً.
في تفسير مجمع البيان عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «حقّاً أقول : لم يكن لقمان نبيّاً ، ولكن كان عبداً كثير التفكّر ، حسن اليقين ، أحبّ الله فأحبّه ومنّ عليه بالحكمة».
تقول الآية الاولى : (وَلَقَدْءَاتَيْنَا لُقْمنَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ).
إنّ الحكمة التي يتحدث عنها القرآن ، والتي كان الله قد آتاها لقمان ، كانت مجموعة من المعرفة والعلم ، والأخلاق الطاهرة والتقوى ونور الهداية.
فإنّ لقمان بامتلاكه هذه الحكمة كان يشكر الله ، فقد كان يعلم الهدف من وراء هذه النعم الإلهية ، وكيفية استغلالها والاستفادة منها ، وكان يضعها بدقة وصواب كامل في مكانها المناسب لتحقيق الهدف الذي خلقت من أجله ، وهذه هي الحكمة ، وهي وضع كل شيء في موضعه ، وبناءً على هذا فإنّ الشكر والحكمة يعودان إلى نقطة واحدة.
والتعبير ب (غَنِىٌّ حَمِيدٌ) إشارة إلى أنّ شكر الناس للأفراد العاديين إمّا أن يؤدّي إلى النفع المادّي للمشكور ، أو زيادة مكانة صاحبه في أنظار الناس ، إلّاأنّ أيّاً من هذين الأمرين لا معنى له ولا مصداق في حق الله تعالى ، فإنّه غني عن الجميع ، وهو أهل لحمد كل الحامدين وثنائهم.
وبعد تعريف لقمان ومقامه العلمي والحِكَمي ، أشارت الآية التالية إلى اولى مواعظه ، وهي في الوقت نفسه أهم وصاياه لولده ، فقالت : (وَإِذْ قَالَ لُقْمنُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَىَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
وأي ظلم أعظم منه ، حيث جعلوا موجودات لا قيمة لها في مصافّ الله ودرجته ، وهم يظلمون أنفسهم أيضاً حيث ينزلونها من قمّة عزّة العبودية لله ويهوون بها إلى منحدر ذلة العبودية لغيره.
والآيتان التاليتان جمل معترضة ذكرها الله تعالى في طيّات مواعظ لقمان ، لكن هذا الإعتراض لا يعني عدم الإتصال والإرتباط ، بل يعني الصلة الواضحة لكلام الله عزوجل بكلام لقمان ، لأنّ في هاتين الآيتين بحثاً عن نعمة وجود الوالدين ومشاقّهما وخدماتهما وحقوقهما ، وجعل شكر الوالدين في درجة شكر الله.
إضافةً إلى أنّهما تعتبران تأكيداً على كون مواعظ لقمان لابنه خالصة ، لأنّ الوالدين مع