وهنا إشارة إلى أنّ الشياطين لا يطردون ولا يمنعون من الإقتراب من السماء فحسب ، بل سيصيبهم في النهاية ـ مع ذلك ـ عذاب دائم.
وأشارت الآية أيضاً إلى طائفة من الشياطين الشريرة التي تحاول الصعود إلى السماء العليا لإستراق السمع ، وإلى المصير الذي ينتظرها هناك ، كما جاء في الآية الشريفة : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ).
«الخطفة» : أي اختلاس الشيء بسرعة.
و «الشهاب» : شيء مضيء متولد من النار ، ويرى نوره في السماء على شكل خط ممتد.
وكما هو معروف فإنّ الشهب ليست نجوماً ، وإنّما تشبه النجوم ، وهي عبارة عن قطع صغيرة من الحجر متناثرة في الفضاء ، عندما تدخل في مجال جاذبية الأرض ، تنجذب نحوها ، ونتيجة دخولها بسرعة إلى جوّ الأرض وإحتكاكها الشديد مع الهواء المحيط بالكرة الأرضية فإنّها تشتعل وتحترق.
و «ثاقب» : تعني النافذ والخارق.
وهذه إشارة إلى أنّ الشهاب يثقب كل شيء يصيبه ويحرقه.
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقَالُوا إِنْ هذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (١٥)
الذين لا يقبلون الحق أبداً : هذه الآيات تعالج قضية منكري البعث ، وتتابع البحث السابق بشأن قدرة الباريء عزوجل خالق السماوات والأرض ، وتبدأ بالإستفسار منهم وتقول : إسألهم هل أنّ معادهم وخلقهم مرّة ثانية أصعب أو خلق الملائكة والسماوات والأرض : (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا).
نعم ، فنحن خلقناهم من مادة تافهة ، من طين لزج : (إِنَّا خَلَقْنَاهُم مّن طِينٍ لَّازِبٍ).
فالمشركون الذين ينكرون المعاد ، قالوا بعد سماعهم الآيات السابقة بشأن خلق السماوات والأرض والملائكة. إنّ خلق الإنسان أصعب من خلق السماوات والأرض والملائكة ، إلّاأنّ القرآن الكريم أجابهم بالقول : إنّ خلق الإنسان مقابل خلق الأرض