في الحقيقة ، إنّ كلتا المجموعتين صادقة في قولها.
فجدالكم لا يؤدي إلى نتيجة ، وهنا يعترف أئمة الضلال بهذه الحقيقة ، ويقولون : بهذا الدليل ثبت أمر الله علينا ، وصدر حكم العذاب بحق الجميع ، وسينالنا جميعاً عذاب الله (فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبَّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ).
إنّكم كنتم طاغين ، وهذا هو مصير الطغاة ، أمّا نحن فقد كنا ضالين ومضلين.
فنحن أضللناكم كما كنّا نحن أنفسنا ضالين (فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ).
بناء على ذلك ما الذي يثير العجب في أن نكون جميعاً شركاء في هذه المصائب وهذا العذاب؟
إنّ سبب تأثيرنا عليكم هو وجود روح الطغيان في داخلكم ؛ هذا الطغيان هيّأ لديكم أرضية التأثّر بإغوائنا ، وعبر هذا الطريق تمكّنا من نقل الخرافات إليكم.
(فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧) إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٤٠)
مصير أئمة الضلال وأتباعهم : الآيات السابقة بحثت موضوع التخاصم الذي يدور بين أئمة الضلال وتابعيهم يوم القيامة قرب جهنم ، أمّا الآيات أعلاه فقد وضّحت ـ في موضع واحد ـ مصير المجموعتين ، وشرحت أسباب تعاستهم. ففي البداية تقول : إنّ التابع والمتبوع والإمام والمأموم مشتركون في ذلك اليوم بالعذاب الإلهي ، (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِى الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ).
وبالطبع فإنّ إشتراكهم في العذاب لا يمنع من وجود إختلاف في المكان الذي سيلقون منه في جهنم ، إضافةً إلى اختلاف نوع العذاب الإلهي ؛ إذ من الطبيعي أنّ الذي يتسبّب في انحراف الآلاف من البشر لا يتساوى عذابه مع فرد ضالّ عادي.
وللتأكيد أكثر على تحقق العذاب تقول الآية التي تلتها : (إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ).
إنّ هذه هي سنّتنا ، السنّة المستمدّة من قانون العدالة.
ثم توضّح السبب الرئيسي الكامن وراء تعاسة اولئك ، وتقول : (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا