جوانب من العذاب الأليم لأهل النار : بعد توضيح النعم الكثيرة والخالدة التي يغدقها الله سبحانه وتعالى على أهل الجنة ، تستعرض الآيات أعلاه العذاب الأليم والمثير للأحزان الذي أعدّه الله لأهل جهنم ، وتقارنه مع النعم المذكورة سابقاً ، بحيث تترك أثراً عميقاً في النفوس يردعها عن إرتكاب الأعمال السيّئة والمحرّمة. ففي البداية تقول : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ).
«نُزُل» : تعني الشيء الذي يهيّأ لورود الضيف فيقدّم إليه إذا ورد ، والبعض الآخر قال : إنّها تعني الشيء الأوّل الذي يقدّم للضيف حين وروده.
و «زقّوم» : اسم نبات مرّ وذي طعم ورائحة كريهة.
و «شجرة» : لا تأتي دائماً بمعناها المعروف ، وإنّما تعني في بعض الأحيان (النبات) ؛ والقرائن هنا تشير إلى أنّ المراد من الشجرة هو المعنى الثاني أي (النبات).
ثم يستعرض القرآن الكريم بعض خصائص هذه النبتة ، ويقول : (إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ).
«فتنة» : تعني المحنة والعذاب ، كما تعني الامتحان ، وهو إشارة إلى أنّ المشركين عندما سمعوا كلمة (الزقّوم) عمدوا إلى السخرية والاستهزاء ، فيما كان هذا الأمر إمتحاناً لُاولئك الطغاة.
ويضيف القرآن الحكيم : (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ الْجَحِيمِ).
ولكن الظالمين المغرورين يواصلون إستهزاءهم ، ويقولون : كيف يمكن لنبات أو شجر أن ينبت في قعر جهنم؟ فأين النار وأين الشجر والنبات؟
وكأنّهم كانوا غافلين عن أنّ الاصول التي تحكم في ذلك العالم ـ أي الآخرة ـ تختلف كثيراً عن الاصول الحاكمة في العالم الدنيوي.
ثم يضيف القرآن الكريم : (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ).
إنّ التشبيه هنا استخدم لبيان شدّة قباحة ثمار الزقّوم وشكلها الباعث على النفور والإشمئزاز.
ويواصل القرآن الكريم إستعراض العذاب الذي سينال المشركين والكافرين : (فَإِنَّهُمْ لَأَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ).
هذا هو العذاب والفتنة الذي أشرنا إليه في الآيات السابقة ، حيث إنّ أكل هذا النبات