خطّة إبراهيم الذكية في تحطيم الأصنام : آيات بحثنا هذا تتناول بشيء من التفصيل حياة النبي الشجاع إبراهيم عليهالسلام محطّم الأصنام بعد آيات إستعرضت جوانب من تاريخ نوح عليهالسلام المليء بالحوادث. الآية الاولى ربطت بين قصة إبراهيم وقصة نوح بهذه الصورة : (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرهِيمَ). أي : إنّ إبراهيم كان سائراً على خطى نوح عليهالسلام في التوحيد والعدل والتقوى والإخلاص ، وكل واحد منهم يواصل تنفيذ برامج الآخر لإكمالها.
بعد هذا العرض المختصر ندخل في التفاصيل. قال تعالى : (إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
في الكافي عن الصادق عليهالسلام قال : «القلب السليم الذي يلقى ربّه وليس فيه أحد سواه».
واعتبر القرآن الكريم القلب السليم رأس مال نجاة الإنسان يوم القيامة ، حيث نقرأ في سورة الشعراء ، وفي الآيات (٨٨ و ٨٩) على لسان النبي الكبير إبراهيم عليهالسلام قوله تعالى : (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
نعم ، من هنا تبدأ قصة إبراهيم ذي القلب السليم ، والروح الطاهرة ، والإرادة الصلبة ، والعزم الراسخ ، مع قومه ، إذ كلّف بالجهاد ضدّ عبّاد الأصنام ، وبدأ بأبيه وعشيرته : (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ). ما هذه الأشياء التي تعبدونها؟
أليس من المؤسف على الإنسان الذي كرّمه الله على سائر المخلوقات ، وأعطاه العقل أن يعظّم قطعة من الحجر والخشب العديم الفائدة؟ أين عقولكم؟
ثم يكمل العبارة السابقة التي كان فيها تحقير واضح للأصنام ، ويقول : (أَئِفْكًاءَالِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ).
واختتم كلامه في هذا المقطع بعبارة عنيفة : (فَمَا ظَنُّكُم بِرَبّ الْعَالَمِينَ). إذ تأكلون ما يرزقكم به يوميّاً ، ونعمه تحيط بكم من كل جانب ، ورغم هذا تقصدون موجودات لا قيمة لها من دون الله.
وجاء في كتب التاريخ والتّفسير ، أنّ عبدة الأصنام في مدينة بابل كان لهم عيد يحتفلون به سنوياً ، يهيّئون فيه الطعام داخل معابدهم ، ثم يضعونه بين يدي آلهتهم لتباركه ، ثم يخرجون جميعاً إلى خارج المدينة ، وفي آخر اليوم يعودون إلى معابدهم لتناول الطعام والشراب.
وحين دعاه قومه ليلاً للمشاركة في مراسمهم نظر إلى النجوم : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ).
(فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ). وبهذا الشكل إعتذر عن مشاركتهم.