«يزفّون» : مشتقة من «زفّ» وتستعمل بخصوص هبوب الرياح والحركة السريعة للنعامة الممتزجة ما بين السير والطيران ، ثم تستخدم للكناية عن (زفاف العروس) إذ تعني أخذ العروس إلى بيت زوجها.
(قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (١٠٠)
فشل مخطّطات المشركين : بعد أن حطّم إبراهيم الأصنام ، استدعي إبراهيم بهذه التهمة إلى المحكمة ، وقد شرح القرآن الكريم في سورة الأنبياء الحادثة بصورة مفصلة ، بينما اكتفى القرآن في آيات بحثنا بالإشارة لمقطع حساس واحد من مواقف إبراهيم عليهالسلام وهو آخر كلامه معهم في مجال بطلان عقيدتهم في عبادة الأصنام : (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ).
فهل هناك شخص عاقل يعبد شيئاً من صنع يديه؟
فالمعبود يجب أن يكون خالق الإنسان ، وليس صنيعة يده ، من الآن فكّروا واعرفوا معبودكم الحقيقي : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ).
فهو خالق الأرض والسماء ، ومالك الوقت والزمان ، ويجب السجود لهذا الخالق وحمده وعبادته.
إنّ هذه الحجّة كانت من الوضوح والقوّة إلى حد جعلتهم يقفون أمامها مبهوتين وغير قادرين على ردّهاودحضها.
ومن المعروف أنّ الطغاة والجبابرة لا يفهمون لغة المنطق والدليل.
ولإيقاف إنتشار منطق التوحيد بين أبناء مدينة بابل ، عمد الطغاة الذين أحسّوا بخطر إنتشاره على مصالحهم الخاصة إلى استخدام منطق القوّة والنار ضد إبراهيم عليهالسلام ، حيث هتفوا بالإعتماد على قدراتهم الدنيوية : أن ابنوا له بنياناً عالياً ، واشعلوا في وسطه النيران ثم ارموه فيه : (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِى الْجَحِيمِ).
ومن هذه العبارة يستفاد أنّ الأوامر كانت قد صدرت ببناء أربعة جدران كبيرة ، ومن ثم إشعال النيران في داخلها ، وبناء الجدران الأربعة الكبيرة ، إنّما تمّ ـ كما يحتمل ـ للحؤول دون إمتداد النيران إلى خارجها ، ومنع وقوع أخطار محتملة قد تنجم عنها ، ولإيجاد جهنم واقعية