(لات) : جاءت للنفي ، وهي في الأصل (لا) نافية اضيفت إليها (تاء) التأنيث ، لتعطي معنى التأكيد ؛ و «مناص» : من مادة «نوص» وتعني الملاذ والملجأ.
(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً وَاحِداً إِنَّ هذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ) (٧)
سبب النّزول
في تفسير علي بن إبراهيم : نزلت بمكة لما أظهر رسول الله صلىاللهعليهوآله الدعوة بمكة اجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ، إنّ ابن أخيك قد سفّه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا ، فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم ، جمعنا له حالاً حتى يكون أغنى رجل في قريش ، ونملّكه علينا. فأخبر أبو طالب رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك فقال : «لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ما أردته ، ولكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب وتدين لهم بها العجم ويكونون ملوكاً في الجنة».
فقال لهم أبو طالب ذلك ، فقالوا : نعم وعشر كلمات ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : «تشهدون أن لا إله إلّاالله وأنّي رسول الله».
فقالوا : ندع ثلاث مائة وستّين إلهاً ونعبد إلهاً واحداً؟
فأنزل الله تعالى : (أَجَعَلَ الْأَلِهَةَ إِلهًا وَاحِدًا) ـ إلى قوله ـ (إِلَّا اخْتِلقٌ).
التّفسير
هل يمكن قبول إله واحد بدلاً من كل تلك الآلهة : المغرورون والمتكبرون لا يعترفون بأمر لا يلائم أفكارهم المحدودة والناقصة ، إذ يعتبرون أفكارهم المحدودة والناقصة مقياساً لكل القيم. لذا فعندما رفع رسول الله صلىاللهعليهوآله لواء التوحيد في مكة ، وأعلن الإنتفاضة ضد الأصنام الكبيرة والصغيرة في الكعبة ، والبالغ عددها (٣٦٠) صنماً ، تعجّبوا : لماذا جاءهم النذير من بينهم؟ (وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ).
كان تعجّبهم بسبب أنّ محمّداً صلىاللهعليهوآله منهم ... أنّهم اعتبروا هذا الإمتياز الكبير نقطة سلبية في دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله وتعجّبوا من أمر بعثته إليهم.