«فواق» : على وزن (رواق) هو الفاصل بين كل رضعتين ، إذ بعد فترة معيّنة من حلب الثدي بصورة كاملة يعود فينزل إليه اللبن من جديد. وبما أنّ الثدي يستريح قليلاً بعد كل حلبة ، فكلمة (فواق) يمكن أن تعطي معنى الهدوء والراحة. وبما أنّ هذه الفاصلة من أجل عودة الحليب مرّة اخرى إلى الثدي فإنّ هذه الكلمة تعطي مفهوم العودة والرجوع.
فالصيحة الرهيبة ليس بعدها رجوع ولا راحة ولا هدوء ولا إفاقة ، ففور شروعها تغلق كل الأبواب أمام الإنسان.
الآية الأخيرة في هذا البحث تشير إلى كلام آخر للكافرين حيث قالوا باستهزاء وسخرية : ربّنا عجّل علينا العذاب قبل حلول يوم الحساب ، (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ).
«قِط» : على وزن (جِنّ) تعني قطع الشيء عرضاً ، فيما تعني كلمة «قَد» وهي على نفس الوزن السابق ، قطع الشيء طولاً ؛ وكلمة «قط» هنا تعني نصيباً أو سهماً.
وهذا الكلام قيل بعد نزول آيات قرآنية تؤكّد على أنّ هناك مجموعة تعطى صحائفها باليد اليمنى ، ومجموعة اخرى تستسلم صحائفها باليد اليسرى.
وهنا قالت مجموعة من مشركي مكة وهي تستهزىء : ما أجمل أن تسلّم إلينا الآن صحف أعمالنا لنقرأها ونشاهد ماذا عملنا؟
(اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) (٢٠)
تعلّم من داود : تتمة للبحوث السابقة التي إستعرضت فيها آيات القرآن أذى المشركين لرسول الله صلىاللهعليهوآله ونسبتهم إليه ما لا يليق به ، فإنّ القرآن الكريم لمواساة رسول الله وأصحابه المؤمنين القلائل ، طرح قصة داود عليهالسلام. ففي البداية تقول آيات بحثنا : (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
«الأيد» : بمعنى القدرة ، وتأتي أيضاً بمعنى النعمة.
وقد توفّر المعنيان المذكوران أعلاه في داود ، إذ كان يتمتّع بقوّة جسدية مكّنته من أن يقتل الطاغية جالوت بضربة قويّة واحدة بواسطة حجر رماه من مقلاعه على جالوت ،