بعد هذه التحذيرات تأمر الآية النبي صلىاللهعليهوآله أن : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ). وعدم قبول جماعة من هؤلاء به لا يدل على عدم حقانيتك.
ثم تضيف الآية الاخرى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ). فإنّ الهدف من نزوله إيقاظ البشر ، وتعريفهم بتكاليفهم : (وَسَوْفَ تُسَلُونَ).
ثم تطرّقت الآية الأخيرة إلى نفي عبادة الأصنام وإبطال عقائد المشركين بدليل آخر ، فقالت : (وَسَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمنِءَالِهَةً يُعْبَدُونَ).
إشارة إلى أنّ كل أنبياء الله قد دعوا إلى التوحيد ، ووقفوا جميعاً ضد الوثنية بحزم ، وعلى هذا فإنّ نبي الخاتم صلىاللهعليهوآله في مخالفته الأصنام لم يقم بعمل لم يسبقه به أحد ، بل أحيا بفعله سنة الأنبياء الأبدية.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (٤٧) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ) (٥٠)
الفراعنة المغرورون ونقض العهد : في هذه الآيات إشارة إلى جانب ممّا جرى بين نبي الله موسى بن عمران عليهالسلام وبين فرعون ، ليكون جواباً لمقالة المشركين الواهية بأنّ الله إن كان يريد أن يرسل رسولاً ، فلماذا لم يختر رجلاً من أثرياء مكة والطائف لهذه المهمة العظمى؟ قالت الآية الاولى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بَايَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيهِ فَقَالَ إِنّى رَسُولُ رَبّ الْعَالَمِينَ).
المراد من «الآيات» : المعجزات التي كانت لدى موسى ، والتي كان يثبت حقانيته بواسطتها ، وكان أهمها العصا واليد البيضاء.
يقول القرآن الكريم في الآية التالية : (فَلَمَّا جَاءَهُم بَايَاتِنَا إِذَا هُم مّنْهَا يَضْحَكُونَ).
وهذا الموقف هو الموقف الأوّل لكل الطواغيت والجهال المستكبرين.
إلّا أنّنا أرسلنا بآياتنا الواحدة تلو الاخرى لإتمام الحجة : (وَمَا نُرِيهِم مّنْءَايَةٍ إِلَّا هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا).